كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 149 @

$ ذكر غزوة تبوك $
لما عاد رسول الله أقام بالمدينة بعد عوده من الطائف ما بين ذي الحجة إلى رجب أم أمر الناس بالتجهز لغزو الروم وأعلم الناس مقصدهم لبعد الطريق وشدة الحر وقوة العدو وكان قبل ذلك إذا أراد غزوة ورى بغيرها وكان سببها أن النبي بلغه أن هرقل ملك الروم ومن عنده من متنصرة العرب قد عزموا على قصده فتجهز هو والمسلمون وساروا إلى الروم وكان الحر شديدا والبلاد مجدبة والناس في عسرة وكانت الثمار قد طابت فأحب الناس المقام في ثمارهم فتجهزوا على كره فكان ذلك الجيش يسمى جيش العسرة فقال رسول الله للجد بن قيس وكان من رؤساء المنافقين هل لك يا جد العام في جلاد بني الأصفر فقال والله لقد عرف قومي حبي للنساء وأخشى أن لا أصبر على نساء بني الأصفر فإن رأيت أن تأذن لي ولا تفتني فقال رسول الله قد أذنت لك فأنزل الله تعالى { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني } الآية وقال قائل من المنافقين لا تنفروا في الحر زهادة في الجهاد وشكا في الحق وإرجافا بالرسول فنزل قوله تعالى { وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا } الآية
ثم إن النبي تجهز وأمر بالنفقة في سبيل الله وأنفق أهل الغنى وانفق أبو بكر جميع ما بقي عنده من ماله وانفق عثمان نفقة عظيمة لم ينفق أحد أعظم منها قيل كانت ثلاثمائة بعير وألف دينار ثم إن رجالا من المسلمين أتوا النبي وهم البكاؤون وكانوا سبعة نفر من الأنصار وغيرهم وكانوا أهل حاجة فاستحملوه فقال لا أجد ما

الصفحة 149