كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 150 @
أحملكم عليه فتولوا يبكون فلقيهم يامين بن عمير بن كعب النضري فسألهم عما يبكيهم فأعلموه فأعطى أبا ليلى عبد الرحمن بن كعب وعبد الله بن مغفل المزني بعيرا فكانا يعتقبانه مع رسول الله وجاء المعذرون من الأعراب فاعتذروا إلى رسول الله فلم يعذرهم الله وكان عدة من المسلمين تخلفوا من غير شك منهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية وأبو خيثمة وكانوا نفر صدق لا يتهمون في إسلامهم
فلما سار رسول الله تخلف عنه عبد الله بن أبي المنافق فيمن تبعه من أهل النفاق واستخلف رسول الله على المدينة سباع بن عرفطة وعلى أهله علي بن أبي طالب فأرجف به المنافقون وقالوا ما استخلفه إلا استثقالا له فلما سمع علي ذلك أخذ سلاحه ولحق برسول الله فأخبره ما قال المنافقون فقال كذبوا وإنما خلفتك لما ورائي فارجع فاخلفني في أهلي واهلك أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فرجع علي إلى المدينة
فسار رسول الله ثم إن أبا خيثمة أقام أياما فجاء يوما إلى أهله وكانت له امرأتان وقد رشت كل امرأة منهما عريشها وبردت له ماء وصنعت طعاما فلما رآه قال يكون رسول الله في الحر والريح وأبو خيثمة في الظل البارد والماء البارد والطعام المهيء والمرأة الحسناء في ماله مقيم ما هذا بالنصف والله ما أحل عريشا منهما حتى ألحق برسول الله فهيأ زاده وخرج إلى ناضحه فركبه وطلب رسول الله فأدركه بتبوك فقال الناس يا رسول الله هذا راكب مقبل فقال رسول الله كن أبا خيثمة فقالوا هو والله أبو خيثمة وأتى رسول الله فأخبره بخبره فدعا له
وكان رسول الله حين مر بالحجر وهو بطريقه وهو منزل ثمود قال لأصحابه لا تشربوا من هذا الماء شيئا ولا تتوضأوا منه وما كان من عجين فألقوه واعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ولا يخرج الليلة أحد إلا مع صاحب له ففعل ذلك الناس ولم يخرج أحد إلا رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته فأصابه جنون وأما الذي طلب بعيره فاحتمله الريح إلى جبلي طيئ فأخبر بذلك رسول الله فقال ألم أنهكم أن لا يخرج أحد إلا مع صاحب له فأما الذي خنق فدعا له فشفي وأما الذي حملته الريح فأهدته طيئ إلى رسول الله بعد عوده إلى المدينة وأصبح الناس بالحجر ولا

الصفحة 150