كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 164 @
فقاتلهم قتالا شديدا وقد كان أهل جرش قد بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله وهو بالمدينة ينظران حاله فبينما هما عنده بعد العصر إذ قال بأي بلاد الله شكر
فقالا ببلادنا جبل يقال له كشر فقال إنه ليس بكشر ولكنه شكر قالا فما له يا رسول الله قال إن بدن الله لتنحر عنده الآن فقال لهما أبو بكر أو عثمان ويحكما إنه ينعي لكما قومكما فقوما إلى رسول الله فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عنهم ففعلا فقال اللهم ارفع عنهم فخرجا من عنده إلى قومهما فوجداهم قد أصيبوا ذلك اليوم في تلك الساعة التي ذكر فيها النبي حالهم وخرج وفد جرش إلى رسول الله حتى قدموا عليه فأسلموا
وفيها قدم وفد مراد مع فروة بن مسيك المرادي على رسول الله مفارقا لملوك مندة ومعاندا لهم وقد كان قبيل الإسلام بين مراد وهمدان وقعة ظفرت فيها همدان وأكثروا القتلى في مراد وكان يقال لذلك اليوم يوم الرزم وكان رئيس همدان الأجدع بن مالك والد مسروق وفي ذلك يقول فروة
( فإن نغلب فغلابون قدما ... وإن نهزم فغير مهزمينا )
( وما إن طبنا جبن ولكن ... منايانا ودولة آخرينا )
( كذاك الدهر دولته سجال ... تكر صروفه حينا وحينا )
( فبينا ما يسر به ويرضى ... ولو لبست غضارته سنينا )
( إذا انقلبت به كرات دهر ... فألفى للألى غبطوا طحينا )
( ومن يغبط بريب الدهر منهم ... يجد ريب الزمان له خؤنا )
( فلو خلد الملوك إذن خلدنا ... ولو بقي الكرام إذن بقينا )
( فأفنى ذلكم سروات قومي ... كما أفنى القرون الأولينا )
ولما توجه فروة إلى رسول الله مفارقا لقومه قال
( لما رأيت ملوك كندة أعرضت ... كالرجل خان الرجل عرق نساءها )

الصفحة 164