@ 184 @
أيها الناس من كان عنده شيء فليؤده ولا يقل فضوح الدنيا ألا وإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة
ثم صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم ثم قال
إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وقال فديناك بأنفسنا وآبائنا فقال رسول الله لا يبقين في المسجد باب إلا باب أبي بكر فإني لا أعلم أحدا لأفضل في الصحبة عندي منه ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام ثم أوصى بالأنصار فقال
يا معشر المهاجرين أصبحتم تزيدون وأصبحت الأنصار لا تزيد والأنصار عيبتي التي أويت إليها فأكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم
قال ابن مسعود نعى إلينا نبينا وحبيبنا نفسه قبل موته بشهر فلما دنا الفراق جمعنا في بيت عائشة فنظر إلينا فشدد ودمعت عيناه وقال مرحبا بكم حياكم الله رحمكم الله آواكم الله حفظكم الله رفعكم الله وفقكم الله سلمكم الله قبلكم الله أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله بكم واستخلفه عليكم وأؤديكم إليه إني لكم منه نذير وبشير أن لا تعلوا على الله في عباده وبلاده فإنه قال لي ولكم { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } قلنا فمتى أجلك قال دنا الفراق والمنقلب إلى الله وسدرة المنتهى والرفيق الأعلى وجنة المأوى فقلنا من يغسلك قال أهلي الأدنى فالأدنى قلنا فيم نكفنك قال في ثيابي هذه إن شئتم أو في بياض قلنا فمن يصلي عليك قال مهلا غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خيرا فبكينا وبكى ثم قال إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري ثم اخرجوا عني ساعة ليصلي علي جبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت مع الملائكة ثم ادخلوا علي فوجا فوجا فصلوا علي ولا تؤذوني بتزكية ولا رنة ولا صيحة وليبدأ بالصلاة علي رجال