كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 191 @
فلما سكت وكنت قد زورت في نفسي مقالة أقولها بين يدي أبي بكر فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أعصيه فقام فحمد الله وما ترك شيئا كنت زورت في نفسي إلا جاء به أو بأحسن منه وقال يا معشر الأنصار إنكم لا تذكرون فضلا إلا أنتم له أهل وإن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لقريش هم أوسط العرب دارا أو نسبا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وإني والله ما كرهت من كلامه كلمة غيرها إن كنت أقدم فتضرب عنقي فيما لا يقربني إلى إثم أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر
فلما قضى أبو بكر كلامه قام منهم رجل فقال أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير وارتفعت الأصوات وكثر اللغط فلما خفت الاختلاف قلت لأبي بكر ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعته وبايعه الناس ثم نزونا على سعد بن عبادة فقال قائلهم قتلتم سعدا فقلت قتل الله سعدا وإنا والله ما وجدنا أمرا هو أقوى من بيعة أبي بكر خشيت إن فارقت القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نتابعهم على ما لا نرضى به وإما أن نخالفهم فيكون فسادا
وقال أبو عمرة الأنصاري لما قبض النبي اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة وأخرجوا سعد بن عبادة ليولوه الأمر وكان مريضا فقال بعد أن حمد الله يا معشر الأنصار لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لأحد من العرب إن محمدا لبث في قومه بضع عشرة سنة يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأنداد والأوثان فما آمن به إلا القليل ما كانوا يقدرون على منعه ولا على إعزاز دينه

الصفحة 191