كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 193 @
فإن الناس في ظلكم ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ولا يصدر الناس إلا عن رأيكم أنتم أهل العز والثروة وأولو العدد والمنعة وذوو البأس والنجدة وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون ولا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم وينتقض عليكم أمركم أبي هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنكم أمير
فقال عمر هيهات لا يجتمع اثنان في قرن والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبينا من غيركم ولا تمتنع العرب أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم ولنا بذلك الحجة الظاهرة على من ينازعنا سلطان محمد ونحن أولياؤه وعشيرته
فقال الحباب بن المنذر يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا عليكم ما سألتموه فأجلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان الناس لهذا الدين أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب أنا أبو شبل في عرينة الأسد والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة فقال عمر إذا ليقتلك الله فقال بل إياك يقتل
فقال أبو عبيدة يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من بدل وغير فقام بشير بن سعد أبو النعمان بن بشير فقال يا معشر الأنصار إنا والله وإن كنا أولى فضيلة في جهاد المشركين وسابقة في هذا الدين ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا والكدح لنفسنا فما ينبغي أن نستطيل على الناس بذلك ولا نبتغي به من الدنيا عرضا إلا أن محمدا من قريش وقومه أولى به وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم
فقال أبو بكر هذا عمر وهذا أبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا فقالا والله لا نتولى هذا الأمر عليك وأنت أفضل المهاجرين وخليفة رسول الله في الصلاة وهي أفضل دين المسلمين فمن ذا ينبغي له أن يتقدمك أو يتولى هذا الأمر عليك ابسط يدك نبايعك فلما ذهبا يبايعانه سبقهما بشير بن سعد فبايعه فناداه الحباب بن المنذر عققت عقاقا ما أحوجك إلى ما صنعت أنفست على ابن عمك الإمارة

الصفحة 193