@ 435 @
طخارستان ممن كان في مملكة كسرى وعاد الأحنف إلى مرو الروذ فنزلها واستخلف على طخارستان ربعي بن عامر وكتب الأحنف إلى عمر بالفتح فقال عمر وددت أني لم أكن بعثت إليها جندا ولوددت أن بيننا وبينها بحرا من نار فقال علي ولم يا أمير المؤمنين قال لأن أهلها سينقضون منها ثلاث مرات فيجتاحون في الثالثة فكان ذلك بأهلها أحب إلي من أن يكون بالمسلمين وكتب عمر إلى الأحنف أن يقتصر على ما دون النهر ولا يجوزه
ولما عبر يزدجرد النهر مهزوما أنجده خاقان في الترك وأهل فرغانة والصغد فرجع يزدجرد وخاقان إلى خراسان فنزلا بلخ ورجع أهل الكوفة إلى الأحنف بمرو الروذ ونزل المشركون عليه بمرو أيضا وكان الأحنف لما بلغه خبر عبور يزدجرد وخاقان النهر إليه خرج ليلا يتسمع هل يسمع برأي ينتفع به فمر برجلين ينقيان علفا وأحدهما يقول لصاحبه لو أسندنا الأمير إلى هذا الجبل فكان النهر بيننا وبين عدونا خندقا وكان الجبل في ظهورنا فلا يأتونا من خلفنا وكان قتالنا من وجه واحد رجوت أن ينصرنا الله
فرجع فلما أصبح جمع الناس ورحل بهم إلى سفح الجبل وكان معه من أهل البصرة عشرة آلاف ومن أهل الكوفة نحو منهم وأقبلت الترك ومن معها فنزلت وجعلوا يغادونهم القتال ويراوحونهم وفي الليل يتنحون عنهم فخرج الأحنف ليلة طليعة لأصحابه حتى إذا كان قريبا من عسكر خاقان وقف فلما كان وجه الصبح خرج فارس من الترك بطوقه فضرب بطبله ثم وقف من العسكر موقفا يقفه مثله فحمل عليه الأحنف فتقاتلا فطعنه الأحنف فقتله وأخذ طوق التركي ووقف فخرج آخر من الترك ففعل فعل صاحبه فحمل عليه الأحنف فتقاتلا فطعنه فقتله وأخذ طوقه ووقف ثم خرج الثالث من الترك ففعل فعل الرجلين فحمل عليه الأحنف فقتله ثم لنصرف الأحنف إلى عسكره وكانت عادة الترك أنهم لا يخرجون حتى يخرج ثلاثة من فرسانهم أكفاء كلهم يضرب بطبله ثم يخرجون بعد خروج الثالث فلما خرجوا تلك الليلة بعد الثالث فأتوا على فرسانهم مقتلين تشاءم خاقان وتطير فقال قد طال مقامنا وقد أصيب فرساننا ما لنا في قتال هؤلاء القوم خير فرجعوا وارتفع النهار للمسلمين ولم يروا منهم أحدا وأتاهم الخبر بانصراف خاقان والترك إلى بلخ وقد كان يزدجرد ترك خاقان مقابل المسلمين بمرو الروذ وانصرف إلى مرو الشاهجان فتحصن حارثة بن النعمان ومن معه