كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 436 @
فحصرهم واستخرج خزائنه من موضعها وخاقان مقيم ببلخ فقال المسلمون للأحنف ما ترى في اتباعهم فقال أقيموا بمكانكم ودعوهم
فلما جمع يزدجرد خزائنه وكانت كبيرة عظيمة وأراد أن يلحق بخاقان قال له أهل فارس أي شيء ترد أن تصنع قال أريد اللحاق بخاقان فأكون معه أو بالصين قالوا له مهلا إن هذا رأي سوء إنك إنما تأتي قوما في مملكتهم وتدع أرضك وقومك ارجع بنا إلى هؤلاء القوم فنصالحهم فإنهم أوفياء هم أهل دين وإن عدوا يلينا في بلادنا أحب إلينا مملكة من عدو يلينا في بلاده ولا دين لهم ولا ندري ما وفاؤهم فأبى عليهم وأبوا عليه فقالوا دع خزائننا نردها إلى بلادنا ومن يلينا لا تخرجها من بلادنا فأبى فاعتزلوه وقاتلوه فهزموه وأخذوا الخزائن واستولوا عليها وانهزم منهم ولحق بخاقان وعبر النهر من بلخ إلى فرغانة وأقام يزدجرد ببلد الترك فلم يزل مقيما زمن عمر كله إلى أن كفر أهل خراسان زمن عثمان وكان يكاتبهم ويكاتبونه وسيرد ذكر ذلك في موضعه
ثم أقبل أهل فارس بعد رحيل يزدجرد على الأحنف فصالحوه وعاقدوه ودفعوا إليه تلك الخزائن والأموال وتراجعوا إلى بلدانهم وأموالهم على افضل ما كانوا عليه زمن الأكاسرة واغتبطوا بملك المسلمين وأصاب الفارس يوم يزدجرد كسهمه يوم القادسية وسار الأحنف إلى بلخ فنزلها بعد عبور خاقان النهر منها ونزل أهل الكوفة في كورها الأربع ثم رجع إلى مرو الروذ فنزلها وكتب بفتح خاقان ويزدجرد إلى عمر وبعث إليه الأخماس ووفد إليه الوفود ولما عبر خاقان ويزدجرد النهر لقوا رسول يزدجرد الذي أرسله إلى ملك الصين فأخبرهما أن ملك الصين قال له صف لي هؤلاء القوم الذين أخرجوكم من بلادكم فإني أراك تذكر قلة منهم وكثرة منكم ولا يبلغ أمثال هؤلاء القليل منكم مع كثرتكم إلا بخير عندهم وشر فيكم فقلت سلني عما أحببت فقال أيوفون بالعهد قلت نعم قال وما يقولون لكم قبل القتال قال قلت يدعوننا إلى واحدة من ثلاث إما دينهم فإن أجبنا أجرونا مجراهم أو الجزية والمنعة أو المنابذة قال فكيف طاعتهم أمراءهم قلت أطوع قوم وأرشدهم قال فما يحلون وما يحرمون فأخبرته قال هل يحلون ما حرم عليهم أو يحرمون ما حلل لهم قلت لا قال فإن هؤلاء القوم لا يزالون على ظفر حتى يحلوا حرامهم أو يحرموا حلالهم
ثم قال أخبرني عن لباسهم فأخبرته وعن مطاياهم فقلت الخيل العراب

الصفحة 436