كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 458 @
فقال عمر أحسن والله وما علم أحدا أولى بهذا الشعر من هذا الحي من بني هاشم لفضل رسول الله وقرابته منهم فقلت وفقت يا أمير المؤمنين ولم تزل موفقا فقال يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد
فكرهت أن أجيبه فقلت إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدريني
فقال عمر كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت فقلت يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام وتمط عني الغضب تكلمت قال تكلم قلت أما قولك يا أمير المؤمنين اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حيث اختار الله لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود
وأما قولك إنهم أبوا أن تكون لنا النبوة والخلافة فإن الله عز وجل وصف قوما بالكراهة فقال { ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم }
فقال عمر هيهات والله يا ابن عباس قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرك عليها لتزيل منزلتك مني فقلت ما هي يا أمير المؤمنين فإن كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتك مني وإن كانت باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه فقال عمر بلغني أنك تقول إنما صرفوها عنك حسدا وبغيا وظلما فقلت أما قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم وأما قولك حسدا فإن آدم حسد ونحن ولده المحسودون فقال عمر هيهات هيهات أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا ما يحول وضغنا وغشا لا يزول فقلت مهلا يا أمير المؤمنين لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش فإن قلب رسول الله من قلوب بني هاشم فقال عمر إليك عني يا عباس فقلت افعل
فلما ذهبت أقوم استحيا مني فقال يا ابن عباس مكانك فوالله إني راع لحقك محب لما سرك
فقلت يا أمير المؤمنين إن لي عليك حقا وعلى كل مسلم فمن حفظه فحقه أصاب ومن أضاعه فحظه أخطأ ثم قام فمضى

الصفحة 458