كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 460 @
فقال قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فأولي رجلا أمركم هو أحراكم أن يحملكم على الحق وأشار إلى علي فرهقتني غشية فرأيت رجلا دخل جنة قد غرسها فجعل يقطف كل غضة ويانعة فيضمه إليه ويصير تحته فعلمت أن الله غالب أمره ومتوف عمر فما أردت أن أتحملها حيا وميتا عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله أنهم من أهل الجنة وهم علي وعثمان وعبد الرحمن وسعد والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله فليختاروا منهم رجلا فإذا ولوا واليا فأحسنوا موازرته وأعينوه إن ائتمن أحدا منكم فليؤد إليه أمانته
فخرجوا فقال العباس لعلي لا تدخل معهم قال إني أكره الخلاف
قال إذن ترى ما تكره
فلما أصبح عمر دعا عليا وعثمان وسعدا وعبد الرحمن والزبير فقال لهم إني نظرت فوجدتكم رؤساء الناس وقادتهم ولا يكون هذا الأمر إلا فيكم وقد قبض رسول الله وهو عنكم راض وإني لا أخاف الناس عليكم إن استقمتم ولكني أخافكم فيما بينكم فيختلف الناس فانهضوا إلى حجرة عائشة بإذنها فشاوروا فيها واختاروا رجلا منكم ووضع رأسه وقد نزفه الدم فدخلوا فتناجوا حتى ارتفعت أصواتهم فقال عبد الله بن عمر سبحان الله إن أمير المؤمنين لم يمت بعد فسمعه عمر فانتبه وقال أعرضوا عن هذا فإذا مت فتشاوروا ثلاثة أيام وليصل بالناس صهيب ولا يأتين اليوم الرابع إلا وعليكم أمير منكم ويحضر عبد الله بن عمر مشيرا ولا شيء له من الأمر وطلحة شريككم في الأمر فإن قدم في الأيام الثلاثة فأحضروه أمركم وإن مضت الأيام الثلاثة قبل قدومه فامضوا أمركم ومن لي بطلحة
فقال سعد بن أبي وقاص أنا لك به ولا يخالف إن شاء الله تعالى فقال عمر أرجو أن لا يخالف إن شاء الله تعالى وما أظن يلي إلا أحد هذين الرجلين علي أو عثمان فإن ولي عثمان فرجل فيه لين وإن ولي علي ففيه دعابة وأحرى به أن يحملهم على طريق الحق وإن تولوا سعدا فأهله هو وإلا فليستعن به الوالي ف ني لم أعزله عن ضعف ولا خيانة ونعم ذو الرأي عبد الرحمن بن عوف مسدد رشيد له من الله حافظ فاسمعوا منه وأطيعوا

الصفحة 460