كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 483 @
فجهز إليه العساكر من المدينة وفيهم جماعة من أعيان الصحابة منهم عبد الله بن عباس وغيره
فسار بهم عبد الله بن سعد إلى إفريقية فلما وصلوا إلى برقة لقيه عقبة بن نافع فيمن معه من المسلمين وكانوا بها وساروا إلى طرابلس الغرب فنهبوا من عندها من الروم وسار نحو إفريقية وبث السرايا في كل ناحية وكان ملكهم اسمه جرجير وملكه من طرابلس إلى طنجة وكان هرقل ملك الروم قد ولاه إفريقية فهو يحمل إليه الخراج كل سنة فلما بلغه خبر المسلمين تجهز وجمع العساكر وأهل البلاد فبلغ عسكره مائة ألف وعشرين ألف فارس والتقى هو والمسلمون بمكان بينه وبين مدينة سبيطلة يوم وليلة وهذه المدينة كانت ذلك الوقت دار الملك فأقاموا هناك يقتتلون كل يوم وراسله عبد الله بن سعد يدعو إلى الإسلام أو الجزية فامتنع منهما وتكبر عن قبول أحدهما وانقطع خبر المسلمين عن عثمان فسير عبد الله بن الزبير في جماعة إليهم ليأتيه بأخبارهم فسار مجدا ووصل إليهم وأقام معهم ولما وصل كثر الصياح والتكبير في المسلمين فسأل جرجير عن الخبر فقيل قد أتاهم عسكر ففت ذلك في عضده
ورأى عبد الله بن الزبير قتال المسلمين كل يوم من بكرة إلى الظهر فإذا أذن بالظهر عاد كل فريق إلى خيامه وشهد القتال من الغد فلم ير ابن أبي سرح معهم فسأل عنه فقيل إنه سمع منادي جرجير يقول من قتل عبد الله بن سعد فله مائة ألف دينار وأزوجه ابنتي وهو يخاف فحضر عنده وقال له تأمر مناديا ينادي من أتاني برأس جرجير نفلته مائة ألف وزوجته ابنته واستعملته على بلاده ففعل ذلك فصار جرجير يخاف أشد من عبد الله
ثم إن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن سعد إن أمرنا يطول مع هؤلاء وهم في أمداد متصلة وبلاد هي لهم ونحن منقطعون عن المسلمين وبلادهم وقد رأيت أن نترك غدا جماعة صالحة من أبطال المسلمين في خيامهم متأهبين ونقاتل نحن والروم في باقي العسكر إلى أن يضجروا ويملوا فإذا رجعوا إلى خيامهم ورجع المسلمون ركب من كان في الخيام من المسلمين ولم يشهدوا القتال وهم مستريحون ونقصدهم على غرة فلعل الله ينصرنا عليهم

الصفحة 483