كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 2)

@ 71 @
صدعها فسأله سلمان عما رأى من البرق فقال رسول الله أضاءت الحيرة وقصور كسرى في البرقة الأولى وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها وأضاء لي في الثانية القصور الحمر من أرض الشام والروم وأخبرني أن أمتي ظاهرة عليها وأضاء لي في الثالثة قصور صنعاء وأخبرني أن أمتي ظاهرة عليها فأبشروا فاستبشر المسلمون وقال المنافقون ألا تعجبون يعدكم الباطل ويخبركم أنه ينظر من يثرب الحيرة ومدائن كسرى وإنها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق ولا تستطيعون أن تبرزوا فانزل الله { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } فأقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تابعهم من كنانة وتهامة وأقبلت غطفان ومن تابعهم حتى نزلوا إلى جنب أحد وخرج رسول الله والمسلمون فجعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف فنزل هناك ورفع الذراري والنساء في الآطام
وخرج حيي بن أخطب حتى أتى كعب بن أسد سيد قريظة وكان قد وادع رسول الله على قومه فأغلق كعب حصنه ولم يأذن له وقال إنك امرؤ مشؤوم وقد عاهدت محمدا ولم أر منه إلا الوفاء قال حيي يا كعب قد جئتك بعز الدهر وببحر طام جئتك بقريش وقادتها وسادتها وغطفان بقادتها وقد عاهدوني أنهم لا يبرحون حتى يستأصلوا محمدا وأصحابه قال كعب جئتني بذل الدهر وبجهام قد هراق ماءه يرعد ويبرق وليس فيه شيء ويحك يا حيي دعني ومحمدا ولم يزل به يفتله في الذروة والغارب حتى حمله على الغدر بالنبي ففعل ونكث العهد وعاهده حيي إن عادت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك
فعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم ونجم النفاق من بعض المنافقين وأقام رسول الله والمشركون عليه بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر ولم يكن بين القوم حرب إلا الرمي بالنبل فلما اشتد البلاء بعث رسول الله إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف المري قائدي غطفان فأعطاهما

الصفحة 71