@ 74 @
ثم خرج حتى أتى غطفان فقال أنتم أهلي وعشيرتي وقال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس كان من صنع الله لرسوله أن أرسل أبو سفيان ورؤوس غطفان إلى قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان وقالوا لهم أنا لسنا بدار مقام قد هلك الخف والحافر فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا فأرسلوا إليهم أن اليوم السبت لا نعمل فيه شيئا ولسنا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا ثقة لنا فإنا نخشى أن ترجعوا إلى بلادكم وتتركونا والرجل ونحن ببلاده
فلما أبلغتهم الرسل هذا الكلام قالت قريش وغطفان والله لقد صدق نعيم بن مسعود فأرسلوا إلى قريظة إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا فقالت قريظة عند ذلك إن الذي ذكر نعيم بن مسعود لحق وخذل الله بينهم
وبعث الله عليهم ريحا في ليال شاتية شديدة البرد فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح أبنيتهم فلما انتهى إلى النبي اختلاف أمرهم دعا حذيفة بن اليمان ليلا فقال انطلق إليهم وانظر حالهم ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا قال حذيفة فذهبت فدخلت فيهم والريح وجنود الله تفعل فيهم ما تفعل لا يقر لهم قدر ولا بناء ولا نار فقام أبو سفيان فقال يا معشر قريش ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه قال فأخذت بيد الرجل الذي بجانبي فقلت من أنت قال أنا فلان ثم قال أبو سفيان والله لقد هلك الخف والحافر وأخلفتنا قريظة ولقينا من هذه الريح ما ترون فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب على ثلاثة قوائم ولولا عهد رسول الله إلي أني لا أحدث شيئا لقتلته قال حذيفة فرجعت إلى النبي وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه فأدخلني بين رجليه وطرح علي طرف المرط فلما سلم أخبرته الخبر وسمعت غطفان بما فعلت قريش فعادوا راجعين إلى بلادهم فلما عادوا قال رسول الله ( الآن نغزوهم ولا يغزونا ) فكان كذلك حتى فتح الله مكة