كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
وإذا كان الأمر بالعكس بأن حلف لا يتصدق على فلان أو لا يهبه شيئاً فأعاره وادعى أنه قصد الهبة والصدقة حقيقة لا عدم نفعه مطلقاً فإنه لا يحنث بالعارية، ويصدق عند القاضي حتى في الطلاق والعتق المعين، وكذا إذا حلف لا يتصدق عليه بكذا فوهبه إياه وادعى أنه قصد حقيقة الصدقة لا عدم نفعه، فإنه يصدق عليه بكذا فوهبه إياه وادعى أنه قصد حقيقة الصدقة لا عدم نفعه فإنه يصدق عند القاضي أيضاً حتى في الطلاق والعتق المعين.
وإذا كان الأمر بالعكس بأن حلف لا يهبه شيئاً فتصدق عليه به وادعى أنه قصد خصوص الهبة فإنه لا يصدق عند القاضي في الطلاق والعتق المعين، أما عند المفتي فإنه يصدق في الجميع.
وإذا حلف ليسافرن ولم يكن له نية ولا ليمينه بساط فإنه يلزمه أن يسافر مسافة القصر حملاً له على المعنى الشرعي، لأنه يقدم على الراجح كما تقدم. ويلزمه أن يمكث في المعنى اللغوي على المحل الذي انتهى سفره إليه نصف شهر بمعنى أنه لا يرجع إلى بلده الذي سافر منه أو إلى غيره مما ليس بينه مسافة القصر، فإن رجع قبل نصف شهر فإنه لا يبر، أما إذا استمر مسافراً نصف شهر بعد مسافة القصر فإنه يبر إذ لا تلزمه الإقامة ويندب له أن يكمل الشهر وكذا إذا حلف لينتقلن من هذه البلدة فإنه يلزمه أن ينتقل إلى بلد أخرى بشرط أن يكون بينهما مسافة القصر، فإذا انتقل إلى بلد دون مسافة القصر فإنه لا يبر، ويلزمه أن يمكث نصف شهر بعد الانتقال ويندب كمال الشهر. أما إذا حلف لينتقلن من هذه الدار أو من هذه الحارة، فإنه يكفي أن ينتقل إلى دار أخرى أو إلى حارة أخرى، ولا يشترط أن يكون بينهما مسافة قصر ويمكث نصف شهر ويندب أن يكمل الشهر. هذا إذا قصد إرهاب جاره أما إذا كره جواره فحلف فإنه يحنث إذا رجع في أي وقت.
وإذا أطلق اليمين كأن حلف لينتقلن ولم يقل من البلد أو الحارة أو الدار ولم ينو واحداً منها ولم يكن ليمينه بساط يعين مراده، فإنه يلزمه أن يسافر مسافة القصر ولا يعود "بعد أن ينتهي في سفره إلى تلك المسافة" إلا بعد نصف شهر كما تقدم في المثال الأول وإلا فلا يبر.
وإذا حلف ليقضين فلاناً حقه بعد عشرة أيام فلما مضت تسعة منها عمد الحالف إلى مال غيره فأخذه بدون عمله وأعطاه المحلوف به قضاء لحقه. فإن في هذه المسألة تفصيلاً: وذلك لأنه إما أن يعلم صاحب المال بذلك قبل انقضاء الأجل أو بعده، فإن علم قبل انتقضاء الأجل فإن الحالف لا يحنث، أما إن علم صاحب المال بعد العشرة الأيام ففيها أقوال أقربها إلى الصواب أنه يحنث مطلقاً سواء أجازرب المال فعله أو لم يجزه وأخذ ماله. وكذا إذا عمد الحالف إلى سلعة من غير جنس الدين يستحق بعضها والبعض الآخر مستحق لغيره فقضى بها دينه فإنه يحنث، ولو كان البعض الذي يستحقه يفي بالدين، لأن المحلوف له ما رضي إلا بالكل، فلما ذهب البعض انفض الرضا. وكذا إذا قضاه بشيء وجد فيه عيباً كأن أعطاه فضة فوجد فيها نحاساً أو رصاصاً ولم يرض صاحب الحق به، أما إن رضي فإنه لا يحنث ما لم ينقص في العداد أو في الوزن في المتعامل به مكيلاً كان أو موزناً فإنه في هذه الحالة يحنث ولو رضي صاحب الدين.
وإذا حلف لا يضمنه فضمن وكيله ففي المسألة تفصيل، وذلك لأنه لا يخلو: إما أن يعلم بأنه وكيله أو لا، فإن علم بأنه وكيله فإنه يحنث إذا ضمنه في شيء اشتراه أو اقترضه للمحلوف عليه مطلقاً، سواء كان ذلك الوكيل قريب المحلوف عليه أو نسيبه أو صديقه أو لم يكن كذلك، وسواء علم الضامن بقرابته أو لم يعلم. أما إذا ضمن الوكيل في شيء اشتراه أو اقترضه لنفسه فإنه لا يحنث ولو

الصفحة 116