كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
الاستقراض فإنه لا يصح التوكيل فيه، بل يكون الرسول معبراً فقط، لأنه يقول للمرسل إليه: إن فلاناً يستقرض منك كذا فلا بد في الاستقراض من نسبته إلى الآمر. وإذا أقرضه يكون المال للمرسل، فإذا ضاع من الرسول كان المرسل ضامناً له بخلاف القرض، فإنه يكون ملكاً للوكيل وله أن يمنعه عن الأمر فلهذا يحنث في صورة الاستقراض لا في صورة القرض.
ومنها الهبة، فإنه إذا حلف لا يهب لفلان كذا، أو حلف لا يهب هذا الشي بخصوصه، أو حلف لا يهب وأطلق فإنه يحنث إذا وهب بنفسه. أو وكل عنه من يهب. سواء قبل الموهوب له أو لم يقبل، قبض أو لم يقبض، وسواء كانت الهبة صحيحة أو لا، وكذا إذا حلف ليهبن لفلان كذا فوهبه إياه فإنه يبر وإن لم يقبل الموهوب. ويشترط في الحنث في المثال الأول والبر في المثال الثاني: أن يكون الموهوب له حاضراً، فلو وهب الحالف لغائب لا يحنث على أي حال. وإذا لف لا يهب هذا الشيء لفلان ثم وهبه له على عوض فإنه يحنث، أما إذا وكل أحداً فوهبه له على عوض فإنه لا يحنث.
وإذا حلف إن وهب لفلان كذا فعليه طلاق فوهب له فإنه يحنث وإن لم يقبل، لما علمت من أن قبول الموهوب ليس شرطاً في بر الحالف أو حنثه، بخلاف ما إذا حلف لا يبيع لفلان كذا فباعه فلم يقبل فإنه لا يحنث. وكذا إذا حلف ليبيعنه كذا فلم يقبل فإنه لا يحنث. والفرق أن الهبة عقد تبرع يتم بالمتبرع به فيكفي فيها الإيجاب، بخلاف البيع فإنه عقد معاوضة لا بد فيه من فعل الجانبين البائع والمشتري، فلا بد فيه من الإيجاب والقبول.
ومنها الصدقة، فإنه إذا حلف لا يتصدق فإنه يحنث إذا تصدق بنفسه أو بوكيله، سواء قبل المتصدق عليه أو لم يقبل، قبض أو لم يقبض، وكذا إذا حلف لا يقبل صدقة فوكل من يقبضها له فإنه يحنث. وإذا حلف لا يتصدق فوهب لفقير فإنه يحنث؛ لأن العبرة بالمعنى ما لم ينو خصوص الهبة فإنه لا يحنث. وإذا حلف لا يهب فتصدق على غني فإنه لا يحنث، لأن الصدقة على الغني ليست هبة إذ لا يملك الرجوع.
ومنها الطلاق، فلو حلف أن لا يطلق ثم وكل رجلاً بأن يطلق عنه فإنه يحنث، وإذا قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق. ثم حلف بعد ذلك أنه لا يحلف بالطلاق، ثم دخلت امرأته الدار فإنه يحنث في اليمين الأولى دون الثانية، أما إذا حلف أولاً أنه لا يحلف بالطلاق ثم قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت الدار فإنه يحنث في اليمينين، ومنها قضاء الدين وقبضه، فلو حلف لا يقبض الدين من غريمه اليوم حنث بقبض وكيله، أما إذا وكله بقبضه قبل اليمين ثم حلف فقبضها الوكيل بعد اليمين فقيل يحنث، وقيل لا يحنث.
ومنها الذيح، فلو حلف لا يذبح شاة في ملكه فأمر وكيله بذبحها فإنه يحنث. ومنها الإيداع والإعارة، فلو حلف لا يودع عند فلان شيئاً أو يعيره ففعل وكيله فإنه يحنث، ومنها الاستعارة، فإذا حلف لا يستعير من فلا ثم أرسل له رسولاً يستعير منه فقال له: إن فلاناً يستعير منك كذا فإنه يحنث.

الصفحة 122