كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (اسم الجزء: 2)

الصائد أو الذابح حل الحيوان؛ فإذا لم ينوكأن ضرب حيواناً بآلة فأصابت منحره فمات فإنه لا يحل. لأنه لم يقصد حله بهذه الضربة، وفي ذلك تفصيل المذاهب (¬1) .
¬__________
(¬1) المالكية - قالوا: إن كان الصائد أو الذابح مسلماً فإنه يشترط في حقه أن ينوي حل أكل الحيوان الذي يذبحه أو يصيده إما حقيقة وإما حكماً، والنية الحكمية: هي أن يقصد الذكاة الشرعية وإن لم يلاحظ حل الأكل؛ فإن هذا القصد في حكم قصد حل الأكل؛ إذ لا معنى لكون الذكاة شرعية إلا كونها سبباً لحل أكل الحيوان، وهذا كاف في الجزم بنية التحليل حتى لوشك في إباحة الصيد فإنه لا يحل. أما إذا كان كتابياً فإنه يكفي منه قصد الفعل وإن لم ينو التحليل في قلبه، لأنه إذا اعتقد حل الميتة أكلت ذبيحته إذا كانت بحضرة مسلم عارف بأحكام الذبح كما تقدم، وذلك لأن النية بمعنى اعتقاد الحل بالذبح لا تشترط في الكتابي. ويحرم على المكلف أن يصطاد بغير نية الذكاة كأن لم ينو شيئاً أصلاً أو ينو اللهو واللعب، أما إذا نوى اقتناء الصيد لغرض شرعي كتعليمه إرسال الكلب أو الاتجار فيه توسعة على نفسه وعياله ولوفي الأمور الكمالية كأكل الفاكهة فإنه جائز. أما صيد الحيوان للفرجة عليه واتخاذ ذلك حرفة يعيش منها فقولان: فبعضهم يقول بالجواز، وبعضهم يقول بالمنع.
الحنفية - قالوا: التسمية شرط بالنص، وإنما تتحقق بالقصد فلا بد من النية. ولذا لا تصح ذكاة المجنون المستغرق الذي لا قصد له، أما المعتوه الذي يتأتى منه القصد ويعقل لفظ التسمية ويضبط فعل الذبح الشرعي فإن ذبيحته تحل ولولم يأت بالتسمية لعدم علمه بشرطيتها، فإن الجاهل بها كالناسي، ومثل المعتوه الصبي والسكران في ذلك، وإذا قال: بسم الله ولم تحضره النية فإن ذبيحته تحل حملاً على ظاهر حاله من أنه قصد التسمية على الذبيحة، أما إذا قال: الحمد لله أو سبحان الله أولا إله إلا الله فإنه لا بد من قصد التسمية، لأن هذا كنى به عن التسمية، والكناية لا بد فيها من النية.
الشافعية - قالوا: يشترط أن يقصد الصائد أو الذابح إيقاع الفعل على العين التي يريدها وإن أخطأ في ظنه أو يقصد إيقاع الفعل على واحد من الجنس وإن أخطأ الإصابة، مثال الأول أن يرمى شيئاً يظنه جماداً فيظهر أنه حيوان مات برميته فإنه يؤكل، لأنه كان يقصد عيناً وإن أخطأ في ظنه. ومثال الثاني أن يرمي قطيع ظباء فيصيب واحدة فإن أكلها يحل، لأن قصد الجنس فأخطأ الإصابة، وكذا إذا

الصفحة 28