كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
واليمين اللغو هي أن يحلف على شيء يجزم به حال الحلف، أو يظنه ظناً قوياً ثم يظهر أنه خلاف ذلك، كأن يقول: والله لا دراهم معي وهو يجزم بذلك ويظن ظناً قوياً ثم يظهر بعد ذلك أنه معه دراهم، وحكمها أنه لا يؤخر عليها، ثم إن كان المحلوف عليه ماضياً فلا كفارة فيها اتفاقاً كقوله: والله ما جاء محمد، وهو يعتقد أنه لم يجئ حقاً ولكن الواقع أنه يكون قد جاء وإن كان مستقبلاً كقوله: والله ما جاء محمد غداً، وهو يعتقد أنه لا يجيء حقاً، فقد اختلف فيها أيضاً، فبعضهم يرى أن اللغولا يكون في المستقبل، لأن الذي يحلف على المستقبل وهوغيب ذوجرأة يكون جزاؤها الكفارة، بخلاف الذي يحلف على الماضي، لأنه حلف بناء على ما يعلم في الماضي أما المستقبل فلا يتعلق به علم، وبعضهم يرى أنه لا كفارة عليها كالماضي والحال.
ولا يفيد لغو اليمين في الحلف بغير الله تعالى، فإذا حلف بالطلاق أو بالعتق أو نذر صدقة أو نحوها أو كانت يمينه لغواً فإنها تنعقد في هذه الأشياء، ويقع بها الطلاق ويلزم بها العتق والنذر، حتى ولو كان النذر مبهماً.
الشافعية - قالوا: تنقسم اليمين إلى قسمين: لغو، ومنعقدة. فاللغوتشمل أموراً ثلاثة: الأول: أن يسبق لسانه إلى ما لم يقصده باليمين، كما إذا أراد أن يقول: والله لآكلن غداً فسبق لسانه إلى قول: والله لأضربن محمداً، ويصدق ظاهراً من يدعي عدم قصد اليمين إذا لم تقم قرينة على كذبه إلا في ثلاث، الطلاق والعتاق والإيلاء، فإنه لا يصدق ظاهراً على أي حال لتعلق حَق الغير بذلك، الثاني: يسبق لسانه إلى لفظ اليمين بدون أن يقصد شيئاً، كما إذا كان غضباناً وسبق لسانه إلى اليمين بأن قال: لا والله. وبلى والله، وهولا يريد سوى هذا اللفظ. الثالث: أن يكون اليمين زيادة لكلام كأن يقول عقب كلامه: لا والله تارة، وبلى والله تارة أخرى، أو يجمع بين العبارتين فيقول: لا والله وبلى والله، فإنه يكون لغواً على المعتمد.
الثاني: المنعقدة، وهي الحلف باسم من أسمائه تعالى أو بصفة من صفاته لتحقيق المحلوف عليه بالشرائط الآتية، فالمنعقدة لا بد فيها من قصد تحقيق المحلوف عليه بخلاف اللغوكما علمت.
ولا فرق عندهم في اليمين سواء كانت لغواً أو منعقدة بين أن تكون على الماضي أو على المستقبل، فاللغويصح أن تكون في المستقبل كأن يقول: والله لأسافرن غداً وهو يقصد أن يقول: لأدخلن دار محمد، كما يكون في الماضي كقوله: والله ما أكلت التفاح أمس وهو يقصد الرمان مثلاً.
وكذلك المنعقدة تصح على الماضي والمستقبل كقوله: والله إني فعلت كذا أو ما فعلته، وكقوله: والله لأفلعن كذا أولا أفعله، فإذا لم يبر في يمينه تجب عليه الكفارة فيها على أي حال. فاليمين الذي يسميه غيرهم غموساً تجب فيه الكفارة عندهم، سواء تعلق بالماضي أو المستقبل؛ أما اللغوفلا كفارة له، ولا يؤاخذ الحالف به، سواء تعلق بالماضي أو المستقبل.
الحنابلة - قالوا: تنقسم اليمين إلى أقسام ثلاثة: منعقدة، ولغو، وغموس. فالمنعقدة هي

الصفحة 59