كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (اسم الجزء: 2)

فلاناً وهوميت على تفصيل في المذاهب (¬1) الثالث: أن يكون ممتنعاً في العقل والعادة كقوله: والله لأجمعن بين حياة فلان وموته، فإن الجمع بين الضدين مستحيل عقلاً وعادة. ويحنث فيه بمجرد الحلف. الرابع: أن يكون واجباً شرعاً أو ممتنعاً شرعاً؛ فالأول كقوله: والله لأصلين الظهر. والثاني كقوله: والله لأشربن الخمر، وهذه يمين منعقدة أيضاً.
¬__________
(¬1) الحنفية - قالوا: إذا كان المحلوف عليه مستحيلاً عادة فإنه يحنث بمجرد الحلف إذا لم يوقت اليمين بوقت، أما إذا وقته بوقت فإنه لا يحنث إذا مضى ذلك الوقت، فلوقال: والله لأصعدن السماء بعد سنة مثلاً لا يحكم بحنثه إلا إذا مضت السنة.
الحنفية - قالوا: إذا حلف ليقتلن فلاناً وهوميت فلا يخلو: إما أن يكون عالماً بموته وقت الحلف أولم يكن عالماً، فإذا لم يكن عالماً بموته وتبين له أنه ميت فإنه لا يحنث، لأنه عقد يمينه على حياة كانت موجودة فيه وهو يعتقد وجودها، أما إذا كان عالماً بموته فإنه يحنث لأنه المحلوف عليه وإن كان مستحيلاً عادة ولكنه ممكن في ذاته يصح وقوعه لجواز أن يعيد الله له الحياة، بخلاف مسألة الكوز، وهي إذا ما حلف ليشربن ماء هذا الكوز بدون أن يقيد بوقت وكان فيه ماء فأراقه الحالف أو غيره، أو سقط الإناء وحده فأريق ماؤه فإنه يحنث، والفرق بين المسألتين: أن الماء في الصورة الثانية لا يمكن إعادته بعينه أصلاً، فإن من الممكن عقلاً إعادة ماء آخر في الكوز، أما الماء الذي اريق وذهب فإنه لا يمكن إعادته عقلاً، فإذا خلق الله ماء في الكوز ثانياً لم يكن هو المحلوف عليه، بل المحلوف عليه ماء مظروف في الكوز وقت الحلف وقد أريق، أما الصورة الأولى فإن الحياة إذا عادت فإن ذات الإنسان لم تتغير، بل تكون هي الأولى بعينها، واعلم أن في مسألة الكوز أربعة أوجه: الأول أن تكون يمينه مؤقتة بوقت ولا ماء فيه كما إذا قال: والله لشربن ماء هذا الكوز اليوم وليس فيه ماء، الثاني أن تكون مؤقتة بوقت وفيه ماء ثم صب وهولا يحنث في هذين الوجهين لعدم انعقاد اليمين أصلاً في الوجه الأول، ولبطلانها بعد الانعقاد في الوجه الثاني، لأن اليمين وإن كانت صادفت وجود الماء في الكوز فانعقدت، ولكن بإراقة الماء بطل انعقادها.
الثالث: أن تكون اليمين غير مؤقتة بوقت ولا ماء في الكوز كما إذا قال: والله لأشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه، وفي هذه الصورة لا يحنث أيضاً، لأن يمينه لم تنعقد أصلاً لعدم وجود الماء، ولا يحنث في الصور الثلاث، سواء علم أن في الكوز ماء أولم يعلم. الرابع أن تكون اليمين غير مؤقتة بوقت وكان في الكوز ماء كما إذا قال: والله لأشربن ماء هذا الكوز بدون أن يوقت بوقت وكان ف يه ماء كما ذكره في أول المسألة فإنه يحنث، سواء علم بوجود الماء أولم يعلم، وسواء أريق الماء وحده أو أراقه هو أو غيره ويتفرع على هذا مسائل:
منها أنه إذا حلف ليقضين حَق فلان غداً فمات أحدهما قبل الغد فإنه لا يحنث لبطلان اليمين بعد انعقادها، ومنها إذا قال لامرأته: إن لم تصلي غداً فأنت طالق، فجاءها الحيض في الغد قبل أن يمضي وقت يمكن أداء الصلاة فيه، أو بعدما صلت ركعة فإنه يحنث على الأصح؛ وذلك لأن

الصفحة 62