كتاب البرهان في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الشارع لها وليس في العقل ولا قواطع السمع ما يدل على ذلك.
708- قلنا: مستند وجوب العمل بالقياس الإجماع وما ذكره النظام كفر وزندقة ومحاولة استئصال قاعدة الشرع لأنه إذا نسب حامليها إلى ما هذى به فبمن يوثق وإلى قول من يرجع؟ وقد رد القياس وطرد مساق رده إلى الوقيعة في أعيان الأمة ومصابيح الشريعة فإذا لا نقل ولا استنباط ولا تحصل الثقة على ما قاله بآي القران فإنه لا يبعد على المنكر الجاحد إدعاء ما قاله في التحريف والتصريف وكتم البعض وتغيير مقتضى البعض فلم تختص غائلته ومماراته بالقياس بل عمت قاعدة الشريعة.
709- وأما من اقتصر في قطع ارتباط القياس بالإجماع على قوله: القياس مختلف فيه فادعاء الإجماع في محل النزاع محال.
فأنا نقول لهؤلاء: إنما كان يستقيم ما ذكرتموه لو كنا نحتج عليكم بإجماع أهل الزمان المشتمل عليكم فأما متمسكنا فإجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من أئمة التابعين إلى أن نبغت الأهواء واختلفت الاراء على ما سنقرره الآن فخلافكم مسبوق بالإجماع ولا مبالاة به.
710- فهذي قواعد منكري القياس وعيون شبههم وقد تقرر الفراغ من الرد على من ينكر جواز التعبد بالقياس وأوضحنا الرد على من زعم أنه لا طريق إلى إثباته بقاطع عقلي أو سمعي وقد حان الآن أن نبين وقوع التعبد بالقياس وانعقاد الإجماع على العمل به.
فصل: في وقوع التعبد بالقياس بعد بيان الجواز.
فنقول والله المستعان:
711- نحن نعلم قطعا أن الوقائع التي جرت فيها فتاوى علماء الصحابة وأقضيتهم تزيد على المنصوصات زيادة لا يحصرها عد ولا يحويها حد فإنهم كانوا قايسين في قريب من مائة سنة والوقائع تترى والنفوس إلى [البحث] طلعة وما سكتوا عن واقعة صائرين إلى أنه لا نص فيها والآيات والأخبار المشتملة على الأحكام نصا وظاهرا بالإضافة إلى الأقضية والفتاوى كغرفة من بحر لا ينزف.
وعلى قطع نعلم أنهم ما كانوا يحكمون بكل ما يعن لهم من غير ضبط وربط،

الصفحة 13