مسألة:
1409- إذا كانت إحدى العلتين تعم الأحوال كعلة الشافعي في منع بيع الكلب فإنه اعتبر النجاسة وكانت العلة الأخرى تختص ببعض الأحوال كالانتفاع الذي تمسك به أبو حنيفة في جواز البيع وهذا لا يجري في الجرو.
فقد قال قائلون: [تقدم] العلة التي تعم الأحوال.
وهذا عندنا عرى عن التحصيل فإن الجرو من جنس ما ينتفع به فلا ينتصب من مثل هذا شئ له وقع في مأخذ الأدلة.
1410- ورأينا في مسألة الكلب أن التعلق بالنجاسة شبه لا يتأتى الوفاء بتقديرها معنى فقهيا ولكنه شبه مطرد.
وقول أبي حنيفة في الانتفاع معنى فقهي ولكنه منتقض والشبه المطرد مقدم على المخيل المنتقض فهذا وجه الكلام.
1411- والأمر المتبع في ترجيح الأقيسة ما مهدناه قبل الخوض في رسم المسائل ولكنا استوعبنا بهذه المسائل ما خاض فيه الخائضون وأوفينا على الاستيعاب وإن تركنا شيئا لم نتعرض له فقد مهدنا ما يرشد إلى [قواعد] القول فيه والله المستعان.
باب النسخ
مدخل
...
باب النسخ.
1412- النسخ في وضع اللغة معناه الرفع ومنه قولهم نسخت الشمس الظل ونسخت الريح آثار القوم1.
ومعناه في التواضع بين الأصوليين وحملة الشريعة مختلف فيه فأقرب عبارة منقولة عن الفقهاء أن النسخ هو اللفظ الدال على انتهاء أمد الحكم الشرعي مع تأخير عن مورده.
وقال القاضي أبو الطيب2: الدال على انتهاء أمد العبادة وهذا مزيف من
__________
1 إرشاد الفحول "ص 183" وزاد في: "منه تناسخ القرون, وعليه اقتصر العسكري. ويطلق ويراد به النقل والتحويل, ومنه: نسخت الكتاب. أي: نقلته ومنه قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ومنه تناسخ المواريث. أهـ.
2 سبق تخريجه.