كتاب البرهان في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

أصل القياس اعتبار معلوم بمعلوم وإذا قال القائل قست الأرض فمعناه ذرعتها بمقياس مهيأ لذرعها وبيني وبين فلان قيس رمح أي قدر معتبر بقدر رمح فهذا منتهى القول في ذلك.
ونحن نذك بعده المقالات في رد القياس وقبوله وتفصيل القول فيه.
فصل: القول في ذكر المقالات في قبول القياس ورده.
688- الوجه أن نذكر المذاهب المتعلقة بالأصل ردا وقبولا ثم نذكر مسائل الخلاف على هذا المنهاج ثم نعقد بعد ذلك بابا في المذاهب [المقتضية رد] بعض الأقيسة الصحيحة عندنا وقبول بعضها.
فنبدأ بالكلام على الجملة ونقول في رسم التقسيم القياس فيما ذكره أصحاب المذاهب ينقسم إلى عقلي وشرعي1 ثم الناظرون في الأصول والمنكرون تفرقوا على مذاهب.
689- فذهب بعضهم إلى رد القياس وقال [الناقلون] هذا مذهب منكري النظر والقول في إثباته يتعلق بفن من الكلام وقد أنهينا القول فيه نهايته.
690- وقال قائلون بالقياس العقلي2 والسمعي وهذا مذهب الأصوليين والقياسين من الفقهاء.
691- وذهب ذاهبون إلى القول بالقياس العقلي وجحدوا القياس الشرعي وهذا مذهب النظام وطوائف من الروافض والإباضية3 والأزارقة4 ومعظم فرق الخوارج إلا النجدات5 منهم فإنهم اعترفوا بأطراف من القياس.
692- وصار صائرون إلى النهي عن القياس العقلي والأمر بالقياس الشرعي
__________
1 إرشاد الفحول "ص 199".
2 أعلم أنه وقع الاتفاق على أنه حجة في الأمور الدنيوية قال الفخر الرازي كما في الأدوية والأغذية وكذلك اتفقوا على حجية القياس الصادر منه صلى الله عيه وسلم "الإرشاد" "ص 199".
3 الإباضية: أصحاب عبد الله بن أبي إياض الذي خرج في أيام مروان بن محمد له ترجمة في "الملل والنحل" للشهرستاني "ص 134, 135".
4 الأزارقة: أصحاب أبي راشد نافع بن الأزرق الذين خرجوا معه من البصرة إلى الأهواز فغلبوا عليها وعلى كورها وما وراءها من بلدان فارس وكرمان في أيام عبد الله بن الزبير "المصدر السابق" "ص 118, 119".
5 أصحاب نجدة بن عامر الحنفي وقيل عاصم ويقال لهم العاذرية لأنهم عذروا بالجهالات في أحكام الفروع وقال الكعبي أجمعت النجدات على أنه لا حاجة للناس إلى إمام قط وإنما عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم فإن هم رأوا أن ذلك لا يتم إلا بإمام يحملهم عليه فأقاموه جار. "الملل والنحل" "ص 122, 125".

الصفحة 7