كتاب مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (اسم الجزء: 2)

أُلغي البعض، وتُعتبر ليلة ذلك اليوم، وينقضي العفو بانقضاء الليلة الثالثة.
قال الحافظ: وفي الجزم باعتبار الليالي دون الأيام جمود، فقد أخرج البخاريّ من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- بلفظ: "ولا يحلُ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام"، فالمعتمد أن المرخص فيه ثلاثة أيام بلياليها، فحيث أُطلقت الليالي أريد بأيامها، وحيث أطلقت الأيام أريد بلياليها، ويكون الاعتبار مُضِيُّ ثلاثة أيام بلياليها، مُلَفّقةً إذا ابتدئت مثلًا من الظهر يوم السبت كان آخرها الظهر يوم الثلاثاء. ويَحتَمِل أن يُلغَى الكسرُ، ويكون أول العدد من ابتداء اليوم أو الليلة، والأول أحوط.
(أَلَا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ) -بفتح الكاف، وكسر الذال المعجمة، مصدر كَذَبَ يكذِبُ من باب ضرب، ويجوز التخفيف بكسر الكاف، وسكون الذال (¬1)، وهو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء فيه العمدُ والخطأُ، ولا واسطة بين الصدق والكَذِب على مذهب أهل السنّة، والإثم يَتْبَع العمد. قاله الفيّوميّ.
(فَإِنَّ الْكَذِبَ) الفاء للتعليل: أي لأن الكذب (لَا يَصْلُحُ) بضم اللام، من بابي نصر وكرُم، ويجوز فتحها، من باب فتح: أي لا يحلّ، أو لا يوافق شأن المؤمن (بِالْجِدِّ) أي بطريق الجدّ وهو -بكسر الجيم- اسم من جَدَّ في كلامه جَدّا بالفتح، من باب ضَرَب: ضدّ هَزَلَ (¬2) (وَلَا بِالْهَزْلِ) بفتح، فسكون، مصدر هزل في كلامه، من باب
¬__________
(¬1) قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا اقتصر في "المصباح" على هذا الوجه، والصواب أنه يجوز تخفيفه أيضًا بسكون الذال مع فتح الكاف؛ لأن القاعدة أن كلّ جاء على وزن فَعِل بفتح، فكسر يجوز فيه ثلاثة أوجه: فَعلٌ بفتح، فسكون، وهو الأصل، وفَعْل بفتح فسكون العين للتخفيف، وفِعْلٌ بكسر الفاء بنقل حركة العين إليها، وهذا فيما إذا لم يكن الوسط حرف حلق، وإلا زاد رابعًا، وهو إتباع الفاء لحركة العين، وذلك كفخذ، وليست هذه القاعدة خاصّة بالاسم، بل الفعل كذلك، كشهد، وعَلِم.
راجع شروح "شافية ابن الحاجب" في مبحث الأوزان. والله تعالى أعلم.
(¬2) راجع "المصباح" 1/ 92.

الصفحة 58