كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 2)

السير لما فيه من الامثال والعجائب والاخبار الصحيحة المنقولة عن ثقات المحدثين يتلذذ بذلك المستمعون ولنرجع إلى سياق الحديث.
قال الواقدي: حدثنا عبد الله بن عبد الواحد القاري عن أبي سراقة بن نوفل الخزرجي عن أبي لبابة بن المنذر وكان من أصحاب الرايات قال: ولما وارينا الشهداء ورجعنا إلى خيامنا وعدو الله البطليوس قد أغلق الباب وألقى الاقفال وعلوا على الاسوار قال: ولما رجع المنهزمون إلى البطليوس صعب عليه وكبر لديه وأظلمت الدنيا في وجهه وحمل هما عظيما على من قتل من بطارقته وجماعته ونوى المكايد والمصائب للمسلمين.
قال الراوي: هذا ما جرى لهؤلاء وأما الصحابة رضي الله عنهم فإنهم أجتمعوا عند الأمير وتذاكروا ما حصل للمسلمين من البطليوس لعنه الله واتفق رأيهم أن يرسلوا إلى الأمير خالد بن الوليد رضي الله عنه ويسألوه أن يسير إليهم بنفسه وبمن معه وكتب كتابا يقول فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عياض بن غانم إلى الأمير خالد بن الوليد اعلم أيها الأمير أننا فتحنا الشام والعراق واليمن والحجاز ولم نجد في الترك والروم والفرس والديلم ألعن من هذا الملعون بطريق البهنسا البطليوس ولا أكثر منه خداعا ولا مكرا ولا حيلة وإنها مدينة آهلة بالخيل حصينة بالرجال وقد خدعونا مرارا وقد قتلوا منا رجالا فأنجدنا بنفسك وبمن معك من المسلمين والسلام ورحمة الله وبركاته عليكم وطوى الكتاب وسلمه إلى عبد الله بن المنذر فأخذه وأتى به إلى الأمير خالد فوجده نازلا على النورية فسلم عليه ودفع له الكتاب فلما قراه وفهم ما فيه استرجع وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم التفت إلى عبد الله وقال قل للأمير عياض أن الأمير خالدا قادم عليك برجال وأي رجال والسلام عليك وعلى من معك من المسلمين من المهاجرين والانصار فرجع عبد الله ثاني يوم إلى البهنسا ورد الكتاب إلى الأمير عياض بن غانم.
قال ثم استدعى الأمير خالد بأبي عبد الله الزبير وضم إليه ثلثمائة فارس وأمرهم بالمسير إلى أرض البهنسا وقال لهم: إذا وصلتم إلى أرض البهنسا فأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير فسار الزبير رضي الله عنه فلما بعدوا دعا بالمقداد ابن الاسود وضرار ابن الازور ودفع لهما مائتي فارس وأمرهما أن يسيرا على أثرهما وقال لهما لا تزالا حتى يدخل الزبير وابنه ثم بعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر رضي الله عنه وضم إليهما مائتي فارس وأمرهما بالمسير على أثر المقداد ثم استدعى بسعيد بن زياد بن عمر بن نوفل خال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقبة بن عامر الفهري ودفع لهما مائتي فارس وأمرهما أن يسيرا وبات الأمير خالد تلك

الصفحة 272