كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 2)

قال فبينما الناس في أشد القتال إذ أقبل الأمير خالد بن الوليد رضي الله عنه ومعه الأمراء المتقدم ذكرهم وأعلنوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وفي أوائل القوم خالد وهو ينشد ويقول:
رعى الله صبا للقا جاء يسرع. ... وصبا على الفرسان بالرمح يقرع.
ومن باع لله المهيمن نفسه. ... وكان إلى الهيجا بالأمر أطوع.
فويلك يا بطليوس من سيف خالد. ... إذا اشتدت الهيجاء والحرب يرفع.
فلا رحم الرحمن بطليوس كافرا. ... ويلعنه كل الملائك أجمع.
فإن قدر المولى سأخرب داره. ... وأتركها من بعده وهي بلقع.
بحد يماني إذا ما جذبته. ... تذل له كل العداة وتخضع.
قال الراوي: ثم أن خالدا رضي الله عنه حمل بمن معه واقتتلوا قتالا شديدا وقاتل البطليوس لعنة الله قتالا شديدا وقتل رجالا وجندل ابطالا فعندها حملت الأمراء وأصحاب الرايت وذو المروءات واقتتلوا بين الجبل والباب قريب التل الأحمر قتالا شديدا وعطف خالد على البطليوس وصال عليه وكلما مر إلى الميسرة يراوغه إلى الميمنة ومن الميمنة إلى الميسرة فعندها عطف خالد عليه وحازه بين الصفوف وحمل عليه فعندها فر إلى القلب وأحاط به أصحابه وقومه ووضعت الأمراء السيوف فيهم وتبعه الأمير خالد وساق جواده إلى الباب واقتحمه وتبعه قومه وانهموا إلى الباب ودخلوه وتبعهم المسلمون واقتتلوا عند الباب وقتل من الروم نحو أربعة آلاف ودخلوا الباب وأغلقوه وأوثقوه بالاقفال وعلوا على الأسوار وأسر المسلمون نحو ألف وخمسمائة فعرضوهم على الأمير خالد وكان فيهم من كبار البطارقة فعرض عليهم الإسلام فامتنعوا فأمر بضرب رقابهم وافتقد المسلمون أصحابهم فإذا قد قتل منهم مائتان وثمانون رجلا ختم الله لهم بالشهادة.
قال الواقدي: هذا ما جرى لهؤلاء وأما عدو الله البطليوس فإنه حمل هما وحصل له مالا ينبغي شرحه وأمر بجمع البطارقة فلما اجتمعوا شكا لهم أمر العرب وما لقوا من الحرب وقال فما الرأي عندكم فقالوا: كلنا بين يديك فإذا أمرتنا بالقتال قاتلنا على سور بلدنا قال سأدبر لكم أمرا وهو تدبير من خاض الحروب وعرفها ثم أمر باجتماع الناس خاصتهم وعامتهم فاجتمعوا إليه إلا من بقي على الأبواب خوفا من المسلمين فلما تكاملوا واجتمعوا قال أني عزمت أن أهجم على القوم في هذه الليلة وأكبسهم في أماكنهم والليل مدلهم وأنتم أعرف بمسالك البلد من غيركم فلا يبقى منكم أحد ويتأهب ويخرج معي من بابه ونكبس القوم وأخرج أنا بنفسي ومن معي

الصفحة 275