كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 2)

فأمسكوا أيديهم وقتل من الروم مقتلة عظيمة وأما خالد فقالتل قتالا شديدا ما رؤي مثله فبينما الناس كذلك إذ أقبل ضرار بن الازور وهو ملطخ بالدماء وهو جامد عليه كأكباد الابل فقال له خالد: ما وراءك من الاخبار يا ضرار فقال أخبرك يا أبا سليمان أني قتلت في ليلتي هذه مائة وستين رجلا وقتل قومي ما لا يعد وقد كفيتكم من خرج من باب الجبل.
قال الراوي: وكانت ليلة لم ير الناس مثلها وهجم الأمير عياض هو وأصحابه على من بداخل الباب واقتتلوا قتالا شديدا ووصلوا إلى ساباط الباب وكان له باب آخر فأغلق من دونهم على كردوس من الروم فقتلوا هناك وتسلق المسلمون على البرج وقتلوا من فيه وكانوا خمسمائة وقتل في تلك الليلة هناك نحو الف وأما باب قندوس فكان عليه الزبير بن العوام وعقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو بن العاص والفضل بن أبي لهب والمغيرة وجماعة من الأمراء فتواثبوا إلى الباب واقتتلوا قتالا شديدا وقتل من المسلمين نحو مائة وعشرين رجلا غير الاعيان وأما باب توما فكان عليه خالد وخرج منه البطليوس فاقتتل الفريقان وقتل من المسلمين جماعة نحو مائتين وثمانين رجلا في المكان المعروف بالمراغة وغلقوا الأبواب واستعدوا للحصار وهذا كان أول فتح.
قال الواقدي: حدثنا سنان بن مفرج العجلاني عن أبي محمد الشاكري عن زيد بن رافع عن أبي امامة قال: وأقام خالد بعد الوقعة على البهنسا أربعة أشهر لا يقاتلهم ولا يناوشهم فطال عليهم المكث وضجروا فأتوا إلى خالد وشاوروه في القتال فأذن لهم وكان جملة من قتل في وقعة الأبواب نحو ستمائة فارس ختم الله لهم بالشهادة.
قال الراوي: فلما استأذنت الصحابة خالدا في القتال لم يقدر أن يمنعهم ولما أصبحوا اقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع مثله فاشتد الحصار فقال أهل البهنسا وقالوا للبطليوس: ما بقي لنا صبر على القتال والحصار فقال لهم: أصبروا واثبتوا لعلي أن أكيد العرب بمكيدة ولما اشتد الحصار عليهم أتوا إلى بطريق يسمى توما صاحب الباب وأتاه السوقة والنصارى والعوام وقالوا له: لقد ضاق علينا الحصار فنجعل لك مالا وافتح لنا الباب حتى نأخذ لنا أمانا من العرب فأجابهم إلى ذلك فصبرهم إلى جانب من الليل وفتح لهم الباب فمضى نحو مائتين من تجار البلد وخرجوا من باب السر وأتوا إلى خالد وصالحوه على أن يفتحوا لهم الباب وجعلوا للمسلمين جعلا معلوما واتفقوا على ذلك وكتبوا أسماءهم ورجعوا هذا ما جرى لهؤلاء وكان الكلب ابن عم توما حاضرا واسمه أرمياء فمضى إلى البطليوس وأعلمه بذلك فعندها أرسل البطليوس بطريقا يقال له حرفائيل ومعه ألف بطريق: وقال اكمنوا واتوني بالخبر على جليته فمضوا وتفرقوا وهم مشاة قريبا من باب توما وإذا بهم قد أقبلوا فلما رأوهم عرفوهم وفتحوا لهم الباب فدخلوا فعندها

الصفحة 278