كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 2)

أخوه هبار وفي رأسه عشرون ضربة بالسيف وواحدة في فخذه قطعته فبكى خالد عليهم بكاء شديدا وبكى عليهم سائر الأمراء وابطال المسلمين ونعاهم الأمير خالد بهذه الابيات وهي له خصوصا:
هوام دموعي كالسحائب تهمع. ... وقلبي من فقد الاحبة يفزع.
وأظلمت الدنيا على نور عبرتي. ... وكاد فؤادي بالجوى يتقطع.
لفقد زياد أحرق ألبين مهجتي. ... وغاب صوابي وهو في الأرض يصرع.
لقد كان في بحر المعامع صائلا. ... يزلزل أركان العدا ويضعضع.
وقد كان مقدام الفوارس كلها. ... بكل مكان للاعادي مقمع.
لحى الله يوما فيه حانت وفاته. ... وأجفانه مع أسهم الدمع تدمع.
أيا سيدا من آل هاشم لم يزل. ... له رتبة بالمجد والجود ترفع.
يعز علينا أن نراك معفرا. ... ورأسك من فوق الجنادل تسفع.
بجانبك الهبار أضحى مهبرا. ... طريحا على رأس الثرى وهو مطبع.
إلا لعن الرحمن بطلوس قومه. ... وألعنه مع كل قوم تجمع.
لقد غدر السادات من آل هاشم. ... نجوما وأقمارا على الناس تطلع.
قال الراوي: ثم بكى المسلمون بكاء شديدا على من قتل منهم من الأمراء والابطال وجموعهم وصلوا عليهم ووروهم في حفرهم إلى جانب التل فإذا هم ثمانون أميرا وثلثمائة وسبعون رجلا ختم الله لهم بالشهادة.
قال الراوي: وأقام المسلمون ثلاث سنين إلا أنهم يشنون الغارات على السواد والسواحل ومضى القعقاع بن عمرو وهاشم وابو أيوب وعقبة بن نافع الفهري بألفي فارس وأغاروا على حد برقة ثم عادوا وهذا أحد الآراء في فتح المغرب قال رضي الله عنه ولما طال الحصار والمكث على أهل البهنسا اجتمعت المسلمون عند خالد واستشاروه فيما يفعلونه وماذا يكون من الرأي فوثب عبد الرازق الانصاري وعبد الله بن مازن الداري وكعب بن نائل السلمي وأبو مسعود البدري وأبو سعيد البياضي وقالوا: يا قوم قد وهبنا أنفسنا لله عز وجل ولعل أن يكون للإسلام فرج فاصنعوا منجنيقا واملئوا غرائر قطنا وقالوا: يأخذ كل واحد منا سيفه وحجفته ويدخل في غرارة قطن فإذا كان الليل ونامت الحراس فألقونا على أعلى السور واحدا بعد واحد والمعونة من الله في فتح الباب كما فتحتم قصر الشمع بمصر ودير النحاس وكما فعلتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاستصوبوا رأيهم فلما أصبحوا قطعوا الاخشاب وصنعوا منجنيقا وصنعوا له حبالا وأحضروا غرائر

الصفحة 282