كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 2)

عليهم مسلم بن عقيل وأحاطوا بالمساكن وجعلوا بالمدينة أسواقا وشوارع وسكن أكثر الصحابة في جانب البحر اليوسفي وخلوا من الآخر إلى الجانب الغربي شارعا واحدا لأجل أن تسبح دوابهم في البحر وأقام مسلم بن عقيل واليا عليها إلى خلافة عثمان أبن عفان رضي الله عنه فتولى محمد بن جعفر بن أبي طالب بعده ومضى مسلم وترك أولاده واخوته بها ولم يزل في المدينة حتى قتل في خلافة الحسن في الكوفة رضي الله عنه وأقام محمد بن جعفر إلى خلافة علي رضي الله عنه وتولى عليها بعده علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنه إلى خلافة معاوية وكان عبد العزيز بن مروان الاموي واليا وتولى بعده طاهر بن عبد الله وكانت قريش والاشراف بالجهة الغربية ويقال لها حارة الاشراف وكان لكل قبيلة حارة.
قال أبو المنهال لما فتحت مدينة البهنسا كانت آهلة بالجند فاجتمعت السوقة والمتسببون من أهل البلد وكانوا أربعين ألفا.
قال الواقدي: حدثنا حامد بن المزيد عن أبي صالح عن ابن نوفل المرادي قال كان بمدينة البهنسا أربعمائة يقال حين فتحها يبيعون البقل وغيره وكانت مدينة عظيمة فلما وقع بين بني أمية وبني هاشم ماوقع أخرجوا منها جماعة واختل أكثرها قال: وتسلسل إليها جماعة من العربان حتى جاء الحسن واخوته في خلافة بني العباس فعمر جامعا وأكثر من الزوايا والربط وأقام بها حتى مات.
قال: ورجعنا إلى سياق الحديث وخرج خالد بمن معه إلى الصعيد ولم يزل يفتح مدينة بعد مدينة إلى آخر الصعيد إلى عدن وسواكن وليس مقصدنا في هذا الكتاب إلا فتوح البهنسا خاصة التي عليها مدار فضائل السادة الشهداء لأن بتربتها خمسة آلاف صحابي وحضر فتح البهنسا نحو سبعين بدريا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي زيارتها تعظم الاجور وقد زارها جماعة من العراق مثل بشر الحافي وسرى السقطي ومالك بن دينار وسحنون وزارها من أقصى المغرب أبو مدين وسعيب وأبو الحجاج وأبو عبد الله وزارها الفضيل بن عياض وروى أن اقليم البهنسا أكثر بركة من جميع الأرض كلها وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس بعد مكة والمدينة والأرض المقدسة والطور أرض مباركة إلا أرض مصر والبركة هي في الجانب الغربي.
قال: ولعلها البهنسا وكان علي بن الحسن يقول انه ليس بأرض مصر بالوجه القبلي أرض مباركة ولا أكثر بركة من أرض البهنسا وكان أبو علي النوري إذا أتى أرض البهنسا وأتى الجبانة ينزع ثيابه ويتمرغ في الرمل ويقول يا لك من بقعة طالما ثار غبارك في سبيل الله وكان أبو علي الدقاق إذا مر بجبانة البهنسا يقول يا لك من

الصفحة 290