كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 2)

محمد الطاهر الرشيد
...
فحل عني القيد والحديد
ذاك رسول الملك المجيد
...
صلى عليه الناصر الحميد
قال: فحملت المسلمون وكشفوا عنهم فخرجوا وكأنهم قد غرقوا في بحر دم ووالله ما قتل من المسلمين اكثر من خمسين رجلا بواحد أو باثنين وقتل من المشركين نيف عن ثلاثة آلاف غير ما قتله أبو الهول واصحابه في وسط عسكر الكفر فلما نظر ميسرة إلى دامس أراد أن يترحل إليه فأقسم عليه أن لا يفعل وافترق الجيشان فضم ميسرة دامسا إلى صدره وقبله بين عينيه وقال له: كيف كان أمركم قال اعلم أيها الأمير أن الروم كانوا قد تكاثروا على فرسي فقتلوه ووقعت فأخذوني أسيرا وجعلوني في الحديد وفعلوا بأصحابي مثلي وقد ايسنا من أنفسنا فلما جن الليل رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "لا بأس عليك يا دامس اعلم أن منزلتي عند الله عظيمة" ثم إنه أمر يده الكريمة على الحديد فسقط مني وفعل ذلك مع أصحابي وقال لنا: "ابشروا بنصر الله فأنا نبيكم محمد رسول الله" وقال لي: "أقرىء عني ميسرة السلام وقل له جزال الله خيرا" ثم غاب عني فانتبهت فوجدت الموكلين بنا نياما مما لحقهم من التعب وقد رموا سلاحهم فأخذنا سيوفهم وطوارقهم وقتلناهم وحملنا فيهم ونصرنا الله عليهم ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلنا منهم من قتلناوخرجنا من بينهم سالمين وهذا حديثنا قال فضج المسلمون بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير.
النجدة
قال الواقدي: ثم أن بطريق الروم كان اسمه جارس فلما رأى ما قد حل بأصحابه قال: وحق المسيح خاب ملك أنتم حماته فإن لم تقاتلوا بعزم وشدة والا قتلتكم قال فتحالفوا أن لا ينهزموا أو يقتلوا عن آخرهم فلما وثق منهم أمر أن تضرم الينران على شواهق الجبال وأمر أن ينفذ النفير إلى البلاد باسرها قال فأتت إليه الروم من كل جانب فأتى إليه عشرون ألفا ولكن المسلمين لم يكترثوا بذلك فلما كان الغد صلى ميسرة بالمسلمين صلاة الخوف وهو أول من صلاها داخل الدروب وأول راية دخلت كانت رايته فلما فرغ من صلاته قام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه وقال: أيها الناس اثبتوا لما نزال بكم فالصبر عند نزول المصائب وهذه رحمة من الله لنا إذ نحن في صدور الاعداء وقد دارت بنا هذه الجيوش ونحن لا نقاتل إلا بنصر الله لنا وإن الأمير أبا عبيدة كان قد أمرني أن لا أبعد بكم عنهم ولنا منهم الآن سبعة أيام وما يظن أبو عبيدة أننا نلاقي جيشا

الصفحة 8