كتاب فتوح الشام (اسم الجزء: 2)

أحسن من وجوههم ولا شك أنهم الشهداء ورأيت في احدى القبتين حورا لو برزن لاهل الدنيا لماتوا شوقا اليهن وإن الله تعالى ما كشف عن بصري وأراني ذلك إلا وقد اراد لي الخير وما كنت بالذي بعد هذه الرؤيا أبقى على الضلال ولا أتبع المحال وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله وحرك جواده وقال من أحبني من رجالي وغلماني فليتبعني قال فتبعه القوم الف رجل ولحقوا ما فعل ولده شطا قال: والله ما فعل ولدي شطا ذلك إلا وقد رأى الحق ولست أشك في عقله ودينه ثم إنه أسلم ولحق بولده فلما نظر أرباب دولته ذلك قالوا: إذا كان الملك وولده قد أسلما فما وقوفنا نحن فاسملوا جميعا على يد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلوا المدينة فمن أسلم تركوه ومن أبى أخرجوه إلى بلاد الارياف قال: وفتح المقداد النقب الذي دخلوا منه وأمر ببنائه بابا فسماه باب اليتيم وهو ابن الحكيم وترك عندهم المقداد رجلا من الصحابة يعلمهم شرائع الإسلام وهو يزيد بن عامر رضي الله عنه ورجع المقداد وأصحابه إلى اسكندرية وحدثوا عمرا بما فتح الله عليه من دمياط ففرح بذلك وكتب كتابا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بفتح مريوط والاسكندرية ودمياط ورشيد وفوة والمحلة ودميرة وسمنود وجرجة ودمنهور وابيار والبحيرة وبعث الكتاب مع عامر بن لؤى.
ذكر فتح جزيرة تنيس.
قال: حدثني زياد عن حميد الطويل عن يونس بن الصامت عن نصر بن مسروق قال لما فتحت دمياط وكان من أمرها ما كان قال البامرك لولده يا بني أن الله قد أنقذنا من نار الجحيم وقد هدانا إلى الصراط المستقيم وذلك لسابقة سبقت لنا في القدم وهذه تنيس بالقرب منا وهي جزيرة ولا يمكن التوصل اليها إلا في المراكب والصواب أننا نكاتب صاحبها أبا ثوب وندعوه إلى الله والى دين نبيه فإن أجاب والا قصدناه والله ينصرنا فقال شطا هذا هو الرأي وأنا أكون الرسول إليه بنفسي فقال: يا بني اعزم على بركة الله وعونه قال فركب شطا في مركب وأخذ معه أربعة من غلمانه الخواص فلما نظر يزيد بن عامر إلى ذلك قال: وأنا أسير معك إلى صاحب تنيس فإنه لو سألك عن ديننا ومعالمه لم يكن عندك به علم بأن تكلمه ونحن بحمد الله ما فينا من يتكبر ولا من يتجبر وما طلبتنا إلا الآخرة والعمل بما يقربنا إلى الله ثم سار معه يزيد ابن عامر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وصلوا إلى جزيرة تنيس وفيها رجال يحفظونها فلما نظروا إلى شطا وغلمانه وبينهم رجل بدوي قالوا: من أنتم قال لهم: شطا أنا ابن الملك البامرك صاحب دمياط ومعنا هذا الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جئناكم رسلا قال فارسلوا منهم واحدا يستأذن لهم فأذن لهم أبو ثوب قال فنزلوا في الزورق وإذا به.

الصفحة 81