كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 2)
فالمذهب على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه نجس على الإطلاق -مسلمًا كان أو كافرًا- وهو مذهب ابن القاسم، وابن شعبان، وابن عبد الحكم وغيرهم (¬1).
والثاني: أنه طاهر على الإطلاق.
وهو الذي اختاره أبو الحسن بن القصار وغيره من البغداديين، وهو الصحيح الذي يعضده النظر والأثر.
والقول الثالث: بالتفصيل بين الميت المسلم والكافر، وهو مذهب بعض شيوخنا المتأخرين، وقال: إنما هذه الحرمة حيًا وميتًا للمسلم، وفيه جاء الأثر.
وأما الكافر فقد قد قال القاضي أبو الفضل: لا أعلم متقدمًا من [الموافقين] (¬2) والمخالفين فرق بينهما قبله، ولكن الذي قاله بين، ولعله مرادهم. قلت: وظاهر قوله تعالى يشعر بخلاف ما ذهب إليه هؤلاء المتأخرون؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (¬3).
وهذا الإكرام يشمل جميع ولد آدم -مسلمًا أو كافرًا.
ومن طريق المعنى أن الشاة مثلًا تعدم منها الحياة بالذكاة، فلا تكون نجسة؛ لأنها حلال وتموت حتف أنفها، [ويكون] (¬4) حكمها نجسة لما كانت محرمة [الأكل] (¬5)، فلم يكن عدم الحياة يوجب كون الحيوان نجسًا إلا أن يكون عدمه على صفة تمنع الأكل ويكون نجسًا.
¬__________
(¬1) انظر: النوادر (1/ 546).
(¬2) في أ: المؤالفين.
(¬3) سورة الإسراء الآية (70).
(¬4) في ب: فيكون.
(¬5) في ب: اللحم.