كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 2)

والثاني: أن عمله عام في جميع أنواع البر المختصة بالآخرة، وهو مذهب ابن وهب؛ لأنه جوَّزَ له أن يُعيد المرضى في موضعه، والصلاة على الجنائز إذا انتهى إليه زحام الناس، ومُدَارَسَة العلم (¬1).
وقولنا: المختصة بالآخرة احترازًا من الحكم بين الناس والإصلاح بينهم.
وسبب الخلاف: أن هذا شيء مَسْكُوت عنه لم يَرِد فيه حَدّ من جهة الشَّارِع، فمن فَهِمَ من الاعتكاف حَبْس النفس على الأفعال المختصة بالمساجد قال: لا يجوز إلا الصلاة والذكر، وقراءة القرآن.
ومن فهم منه حبس النفس على القرب الأخروية [كلها] (¬2) أجاز [غير] (¬3) ذلك مما ذكرناه.
والجواب عن السؤال الثالث: في ملازمة موضع العكوف ومنعه من الخروج والتصرف:
ولا خلاف في المذهب أن وظيفة المعتكف: اللبث واللزوم في مكان مخصوص، وإنما لا يجوز له التصرف في شيء من أمور الدنيا على وجه الاختيار، سواء كان [ذلك] (¬4) في حقه أو في حق غيره.
ولا خلاف أنه يجوز له الخروج للعادة الضرورية؛ كالتبرز لإماطة الأذى، ويكون ذلك في أقرب المواضع إليه، وكذلك الخروج لوضوئه وغسله من الجنابة.
¬__________
(¬1) أجاز مالك أن يكتب الرسالة الخفيفة، ويقرأ مثلها، ويكره الكثير. النوادر (2/ 93).
(¬2) سقط من أ.
(¬3) سقط من أ.
(¬4) سقط من أ.

الصفحة 171