كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 2)
وقيل: إنها تطهر المال وتطيبه، وقد سماها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أوساخ الناس" (¬1)، ولو بقيت في المال، ولم تخرج عنه أفسدته وأخبثته.
وقيل: الزكاة: التطهير؛ وعليه فسر بعضهم: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} (¬2)، قيل: تطهر من الشرك، وهذا راجع إلى ما تقدم.
وقيل: الزكاة: الطاعة والإخلاص، وقد قيل في قوله تعالى: {لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} (¬3)، لا يشهدون أن لا إله إلا الله، قال البخاري: لأن مُخْرِجُها لا يُخرِجُها إلا من إخلاصه وصحة إيمانه؛ لما جبلت عليه النفوس من حب المال.
ولهذا لما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - منعت أكثر العرب زكاتها، وتميز بأدائها الخبيث من الطيب؛ ولهذا قال عليه السلام: "الصدقة برهان" (¬4) أي: دليل على صحة إيمان، وقيل: بذلك سميت صدقة من الصدق، أي: هي دليل على صدق إيمانه، ومساواة باطنه وظاهره.
وقيل: إنها سميت بذلك؛ لأنها لا تؤخذ إلا من الأموال المعرضة للنماء والزيادة؛ كأموال التجارة والأنعام، والحرث، والثمار، وسماها الشرع أيضًا صدقة، فقال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (¬5)، وقال سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية (¬6)؛ وذلك لأن صاحبها مصدق بإخراجها أمر الله تعالى بذلك، ودليل على صدق إيمانه كما تقدم.
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (1072).
(¬2) سورة الأعلى الآية (14).
(¬3) سورة فصلت الآية (7).
(¬4) أخرجه مسلم (223).
(¬5) سورة التوبة الآية (103).
(¬6) سورة التوبة الآية (60).