كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 2)

وحملوا الظن هنا على الشك، وغيرهم حمله على اليقين.
واختلف الأشياخ في ترجيح [اليقين] (¬1)؛ فمنهم من رجح مذهب البغداديين؛ [لاستظهارهم] (¬2) بظاهر المدونة فساووا بين الطلوع والغروب.
ومنهم من رجح القول بالتفريق بينهما، وأن الشك في الغروب بمعنى اليقين.
ومنهم: من ذهب إلى الجمع بين القولين، وهو القاضي ابن رشد؛
فقال: لعل البغداديين أرادوا بالشك هاهنا غلبة الظن، [فيستوي] (¬3) الفطر في الوقتين.
وقال [القاضي أبو الفضل] (¬4) عياض [بن موسى] (¬5): هذا بعيد؛ لأن الشك شيء وغلبة الظن شيء آخر غيره، وقد اختلفا بالحد والحقيقة.
وأما من فرق بين الطلوع والغروب، فقال: الأصل في كل واحد منهما استصحاب الحال، وقد قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (¬6)، [فساغ] (¬7) له الأكل ولا يحرم إلا بيقين، ولا يصح حكم الانتهاك إلا بتيقن تحريمه عليه، وقد قال تعالى: {[ثُمَّ] (¬8) أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} (¬9)، فأمر المكلّف بإتمام الصيام
¬__________
(¬1) في أ: القولين.
(¬2) في ب: لاستدلالهم.
(¬3) في ب: فيتساهلوا.
(¬4) سقط من أ، ب.
(¬5) سقط من جـ.
(¬6) سورة البقرة الآية (187).
(¬7) في ب: فيبيح.
(¬8) في الأصل: و.
(¬9) سورة البقرة الآية (187).

الصفحة 61