كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 2)
النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك أن الله تعالى قال: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (¬1)، وقال أيضًا: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (¬2).
فكأن هذا يقتضي أن الصوم أفضل، ويعارضه ما روى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليس من البر الصوم في السفر" (¬3).
ومفهومه أن الفطر أحسن.
ومن قَدَّم ظاهر [القرآن] (¬4) على مفهوم الخبر [يقول] (¬5): الصوم أفضل؛ لأن مفهوم الكتاب مقدم على مفهوم الخبر، فكان المصير إليه أولى، ويشهد لصحته الأثر، والنظر.
فأما الأثر: فحديث حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: يا رسول الله [أجد قوة على الصيام في السفر] (¬6) فهل عليّ من جناح؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه" (¬7) خرّجه مسلم.
فتبين أن الفطر في السفر رخصة لمكان رفع المشقة عنه، وما كان رخصة، فالأصل ترك الرخصة، وهذا جار على قواعد الشريعة.
ومن طريق النظر: أن الآيات والأخبار تظاهرت بفضل شهر رمضان؛ فوجب من طريق الاعتبار أن [صوم] (¬8) عينه أولى من صوم غيره؛ إذ لا
¬__________
(¬1) سورة البقرة الآية (184).
(¬2) سورة البقرة الآية (148).
(¬3) تقدم.
(¬4) في ب: الكتاب.
(¬5) زيادة ليست بالأصل.
(¬6) في أ: أجد في قوتي الصيام على السفر.
(¬7) أخرجه البخاري (1840)، ومسلم (1121).
(¬8) في أ: صومهم.