كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 2)

| | واعلم أن الشيطان يراصدك ليفتنك وقوة الطبع له عليك ، والشباب شعبة من الجنون ، | فاكسر عادية الهوى بوهن أسبابه . | | وقال أبو موسى : طوبى لمن وفى شر شبابه . وقال أبو بكر ابن عياش : وددت | أنه صفح لي عما كان في الشباب وأن يدي قطعت ! | | واعلم أنه لما كان جهاد الشباب ومخالفة الطبع صعبا صار الشاب التائب حبيب الله | عز وجل . | | إخواني : من رأى التناهي في المبادي سلم ، ومن لم ير العواقب شغله ما هو فيه | عما بين يديه . | | يا هذا : أما ما قد مضى من ذنوبك فليس فيه حيلة إلا التدارك ، فرب مدرك لما | فات ، الأسى بالأسى ، وأنا أضرب لك مثلا لتحذر فيما بعد جنس ما كان قبل : إذا راقت | | الحلواء لمحموم اعترك الهوى والعقل فالهوى ينظر إلى العاجل والعقل يتلمح العواقب ، | فإن آثر مشورة العقل منع نفسه عما تشتهي نظرا إلى ما إليه الصبر ينتهي ، فإذا زالت | حماه تناول من غير أذى ما اشتهاه ، وإن اجتذبه رائق المشتهى فأنساه المنتهى تمتع يسيرا | ببلوغ الغرض فزاد به ذلك المرض ، وربما ترقى إلى الموت ولا تدارك بعد الفوت . فيا عجبا | لمختار العاجل وهو يعلم ندمه في الآجل ، لقد ضيع موهبة العقل الذي به شرف الآدمي ، | وزاحم البهائم في مقام النظر إلى الحاضر . |
____________________

الصفحة 180