كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 2)

| المجلس الثالث | في ذكر الأرض وعجائبها | | الحمد لله القديم في مجده ، الكريم في رفده ، الرحيم فكل خير من عنده ، اللطيف في كل | حال بعبده ، مد الأرض بقدرته والعجب في مده ، وزينها بنباتها وألوان ورده ، وسقاها | كأس القطر بواسطة برقه ورعده ، وجمع في الغصن الواحد بين الشيء وضده ، وقوم الثمار | بالماء من حر الشمس وبرده ، إله خوف بوعيده وشوق بوعده ، وقدر فاهتدى من هداه | وضل من لم يهده ، وسمع فلم يعزب عن سمعه صوت المضطر بعد جهده ، وأبصر فرأى | جريان دم العبد في عرقه وجلده ، وعلم ما في باطن سره من بره وحقده ، وعزمه | وحزمه ، وبغضه ووده ، وغمه وفكره ، وعلمه وقصده ، وحلمه وحبه وزهده ، ولفه | ونقضه ، وأخذه ورده ، وقدر أعماله في حياته وحاله في لحده ، وجعل في الحكمة نسيان | أهله من بعده ، فإن كان صالحا عبق في قبره نشر ورده ، وإن كان عاصيا خلى بقبيحه | وخطىء ببعده ، فسبحان من لا يعترض العقل على أفعاله بل يقف على حده ^ ( وإن من | شيء إلا يسبح بحمده ) ^ . | | أحمده حمدا لا يقدر الخلائق على عده ، وأصلي على رسوله وعبده ، وعلى صاحبه أبي | بكر الصديق الذي كان الإسلام منحلا لولا قوة شده ، وعلى عمر وحيد التدبير في السياسة | وفرده ، وعلى عثمان قائم الليل والدمع يجري على خده ، وعلى علي المصلي مع الرسول قبل | بلوغ رشده ، وعلى عمه العباس الذي أخذ له البيعة على جنده . | | قال الله تعالى : ^ ( والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل | شي موزون ) ^ . |
____________________

الصفحة 186