| | والضرب الثالث : تطهير القلب عن الأخلاق المذمومة من الحرص والحقد والحسد | والكبر وغير ذلك ، ولا يمكن معالجته من أدوائه بدوائه حتى تقع الحمية التي وصفناها | في كف الجوارح ، ثم يعالج كل داء بدوائه . وكم من متعبد يبالغ في كثرة الصلاة | والصوم ولا يعاني صلاح القلب ، وقد يكون عنده الكبر والرياء والنفاق والجهل بالعلم | ولا يحس بذلك ، وقد يكون تطلعه إلى تقبيل يده وإجابة دعائه ، وهذه آفات | لا دواء لها إلا الرياضة بالعلم ليقع التهذيب بإصلاح دائه ، وإنما تنفع العبادة وتظهر | آثارها وتبين لذاتها مع إصلاح أمراض القلب . | | أخبرنا أبو بكر بن حبيب بسنده عن عبد الرحيم بن يحيى الدبلي قال : حدثني | عثمان بن عمارة فقال : وردت الحجرة مرة فإذا أنا بمحمد بن ثوبان وإبراهيم بن أدهم | وعباد المقرئ وهم يتكلمون بكلام لا أعقله ، فقلت لهم : يرحمكم الله ؛ إني شاب كما | ترون أصوم النهار وأقوم الليل وأحج سنة وأغزو سنة ، ما أرى في نفسي زيادة . | فشغل القوم عني حتى ظننت أنهم لم يفهموا كلامي ثم حان من واحد منهم التفاتة فقال : | يا غلام إن هم القوم لم يكن في كثرة الصلاة والصيام إنما كان هم القوم في نفاذ الأبصار | حتى أبصروا . | | الضرب الرابع : تطهير السر عما سوى الله عز وجل . وهذه المرتبة العليا ولم تحصل | إلا لمن تجلت له أوصاف الحبيب فدخل في دائرة المحبة . | | أخبرنا عمر بن ظفر بسنده عن سعيد بن عبد العزيز قال : أخبرنا أحمد بن أبي | الحواري قال : سأل محمود أبا سليمان وأنا حاضر : ما أقرب ما يتقرب به إلى الله عز | وجل فبكى أبو سليمان ثم قال : مثلي يسأل عن هذا ! أقرت ما يتقرب به إليه أن | يطلع على قلبك وأنت لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو . |
____________________