كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 2)

| | يا مخلوقا من علق ، اكتف من الدنيا بالعلق ، واحذر في ري الهوى من | شرق ، وتذكر يوم الرحيل ذاك القلق ، وتفكر في هاجم يسوي بين الملوك | والسوق ، وتأهب له فربما بكر وربما طرق ، يا من شاب وما تاب ، استلب باقي الرمق ، | أبعد الحلم جهل أم بعد الشيب نزق ، كان الشباب غصنا غضا فخلي عن ورق ، وأنت | في الشباب كالشيب تجري على نسق ، يا غريقا في الهوى صح من قبل الغرق ، كم | طالب خلاصا لما فات ما اتفق . | | ليأتينك من الموت ما لا يقبل رشوة ولا مالا ، إذا حال على القوي والقويم مالا ، | يا مختار الهوى جهلا وضلالا ، لقد حملت أزرك أوزارا ثقالا ، إياك والمنى فكم | وعد المنى محالا ، كم قال لطالب نعم : نعم سأعطيك نوالا وقد نوى : لا . | | كم سقى الموت من الحسرات كؤوسا ، كم فرغ ربعا عامرا مأنوسا ، كم طمس | بدورا وشموسا واستلب نعيما ثم أعطى بوسا ، وأذل جبابرة كانوا شوسا ، وأغمض | عيونا ونكس رؤوسا وأبدل التراب عن الثياب ملبوسا . | | ( إذا كان ما فيه الفتى عنه زائلا % فشتان فيه أدرك الحظ أو أخطا ) % | | ( وليس بفي يوما سرورا وغبطة % بحزن إذا المعطي استرد الذي أعطا ) % | | ذهب الشباب الأسود ، وانقضى العيش الأرغد ، وقال الشيب : أنا الموت وما أبعد ، | هذا وقلب الغافل كالجلمد : | | ( لا بدع إن ضحك الفقير % فبكى لضحكته الكبير ) % | | ( عاصى العزاء عن الشباب % وطلوع الدمع الغزير ) % | | ( سقيا لأيام مضت % فطويلها عندي قصير ) % |
____________________

الصفحة 237