كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 2)

| قتادة والفراء واحتج بأن العرب تقول لما بين الثلاثة إلى العشرة : لثلاث خلون وأيام | خلون . فإذا جازت العشرة قالوا : خلت ومضت . ويقولون لما بين الثلاثة إلى العشرة | هن وهؤلاء فإذا جزت العشرة قالوا : هي وهذه ، إرادة أن يعرف اسم القليل من | الكثير . | | وفي المراد بهذا الظلم قولان : أحدهما : أنه خص النهي عن الظلم بهذه الأشهر لأن | شأن المعاصي يعظم فيه أشد من تعظيمه في غيرها لفضلها على ما سواها كما عظمت طاعة | الحرم ومعصيته وإن كان العبد مأمورا بذلك في غيرها . هذا قول الأكثرين . والثاني : أن | المراد بالظلم فيهن فعل النسيء قاله ابن إسحاق . | | واعلم أن تفضيل بعض الشهور على بعض ليكون الكف عن الهوى ذريعة إلى | استدامة الكف في غيرها ، تدريجا للنفس إلى فراق مألوفها المكروه شرعا . | | فبادروا في هذا الشهر من الخير كل ممكن ما دام الأمر يمكن ، واعلموا أن العمر | لا قيمة لأوقاته وزمان الصحة لا مثل لساعاته ، فحاسبوا أنفسكم قبل الحساب وأعدوا | للسؤال صحيح الجواب ، واحفظوا بالتقوى هذه الأيام واغسلوا عن الأجرام قبيح | الإجرام ، قبل ندم النفوس حين سياقها ، قبل طمس شمس الحياة بعد إشراقها ، قبل ذوق | كأس مرة في مذاقها ، قبل أن تدور بدور السلامة في أفلاك محاقها ، قبل أن تجذب | الأبدان إلى القبور بأطواقها ، وتفترش في اللحود أخلاق أخلاقها ، وتنفصل المفاصل بعد | حسن اتساقها ، وتشتد شدة الحسرات حاسرة عن ساقها ، وتظهر مخبآت الدموع بسرعة | اندلاقها ، وتتقلب القلوب في ضنك ضيق خناقها ، ويطول جزع من كان في عمره | ناقها ، وتبكي النفوس في أسرها على زمان إطلاقها : |
____________________

الصفحة 28