كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 2)

| وكان عثمان بن أبي دهرش إذا رأى الفجر أقبل عليه بثه وقال : الآن أصير | مع الناس فلا أدري ما أجني على نفسي ! | | وقال داود الطائي : فر من الناس كما تفر من الأسد . | | وأوصى سفيان الثوري بعض أصحابه فقال : إن استطعت أن لا تخالط في زمانك | هذا أحدا فافعل ، وليكن همك مرمة جهازك . | | وكان يقول : هذا زمان السكوت ولزوم البيوت . | | وجاء رجل إلى الفضيل فجلس إليه فقال : ما أجلسك إلي ؟ فقال : رأيتك | وحدك . فقال : إما أن تقوم عني وإما أن أقوم عنك . فقال : أنا أقوم أوصني . فقال : | أخف مكانك واحفظ لسانك . | | وجاء رجل إلى شعيب بن حرب فقال : ما جاء بك ؟ فقال : جئت أونسك . | فقال : أنا أعالج الوحدة منذ أربعين سنة ! | | وقال مالك بن أنس : كان الناس الذين مضوا يحبون العزلة والانفراد من الناس . | | وقال بشر الحافي : من عامل الله بالصدق استوحش من الناس . | | وقد كان أحمد بن حنبل يحب العزلة وإبراهيم بن أدهم وسليمان الخواص | ويوسف بن أسباط وحذيفة المرعشي في خلق كثير . | | واعلم أن العزلة لا ينبغي أن تقطع عن العلم والجماعات ومجالس الذكر والاحتراف | للعائلة ، وإنما ينبغي أن يعتزل الإنسان ما يؤذي ، وقد يخاف من المخالطة المباحة | أذى فيجتهد الإنسان في ترك ما يخاف عواقبه . |
____________________

الصفحة 313