كتاب التبصرة - ت عبد الواحد (اسم الجزء: 2)

| في الخلوق ، وإنما لذات الدنيا كخطف البروق ، ميز بين ما يفنى وما يبقى تر الفروق ، | خل التواني إن شئت أن تفوق عليك حافظ وضابط ، ليس بناس ولا غالط ، يكتب | الكلمات السواقط ، وأنت في ليل الحدث خابط ، تتعرض في الصباح والمساء للمساخط ، | يا من قد شاب إلى كم تغالط ، لا بد لليل من فجر منير كاشط ، كيف ينهض للعب واللهو | الأشامط ، ماذا بقي وهذا الشيب واخط ، أما تستحي وأنت في الإثم وارط ، يا قاعدا | عند التقى وهو في الهوى ناشط ، كلما رفعت لم ترد إلا المهابط ، تيقظ لنفسك فقد مضى | الفارط ، وابك على ذنبك ويكفي الفارط ، أصلح ما بقي وأقبل من الوسائط ، جاهد | هواك في الدنيا فالفخر للمرابط ، نظر لمن تعاشر واعرف لمن تخالط ، احذر جزاء القسط | عليك يا قاسط ، لا تغترر بالسلامة فربما قبض الباسط ، في لنا بالشروط ونحن نفي بالشرائط ، | ذكر نفسك بالموت ذاك الشديد الضاغط ، إذا تحيرت في الأمور وزال الجأش الرابط ، | لا تنفع الأقارب ولا تدفع الأراهط ، ونفس النفس يخرج من سم إبرة خائط . | | باع قوم جارية قبيل رمضان ، فلما حصلت عند المشتري قال لها هيئي لنا ما يصلح | للصوم ، فقالت لقد كنت قبلكم لقوم كل زمانهم رمضان ! | | لله در أقوام تفكروا فأبصروا ، ولاحت لهم الغاية فما قصروا ، وجعلوا الليل روح | قلوبهم والصيام غذاء أبدانهم ، والصدق عادة ألسنتهم والموت نصب أعينهم . | | كتب رجل إلى داود الطائي : عظني . فكتب إليه : أما بعد فاجعل الدنيا كيوم صمته | عن شهوتك واجعل فطرك الموت فكأن قد صرت إليه . فكتب إليه : زدني . فكتب إليه : | أما بعد فارض من الدنيا باليسير مع سلامة دينك كما رضي أقوام بالكثير مع ذهاب | دينهم . والسلام . | | كان داود الطائي قد ورث من أبيه عشرين دينارا فأنفقها في عشرين سنة . وكان |
____________________

الصفحة 91