كتاب التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل (اسم الجزء: 2)

مستقصاةً، ثم يقال: وما سوى ذلك فهو نكرة" انتهى ما ذكره، وفيه بعض تلخيص.
وهذا الذي ذكره في أنه لا يمكن حد المعرفة لما ذكر ليس بصحيح. أما قوله: "كان ذلك عامًا أول، وأول من أمس: إن مدلولهما معين لا شياع فيه بوجه، ولم يستعملا إلا نكرتين" ففرق بين الوضع والاستعمال، أما لفظ "عامٍ" فلا شك في أنه نكرة، ومدلوله معنى شائع في جنسه كرجل، وإنما اكتسب التعيين عند السامع باستعماله مع صفته للعام الذي كان قبل عامك، وكذلك أول من أمس، معناه يومًا أول من أمس، فحذف يومًا، وقامت صفته مقامه، ومدلول "يوم" شائع في جنسه، ولما وصفته بأول، وعنيت عامًا أول من عامك، ويومًا أول من يومك، اكتسب بالاستعمال وبالوصف انطلاقه على العام الذي يلي عامك، واليوم الذي يلي يومك. ولا شك أنه يعرض للنكرات أن تعين المراد ببعض أفرادها فرينةٌ لفظية أو حالية، كقولك: لقد قتل ابن مُلجم رجلًا عظيمًا، فيفهم من قولك: "رجلًا عظيمًا" أنه على بن أبي طالب، وكذلك جميع النكرات التي جاءت في القرآن مرادًا بها الأعلام، كقوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ}، فهذا معلوم أنه جبريك عليه السلام، ولا يدعي عاقل أن قوله: {شَدِيدُ الْقُوَى} هو معرفة وكذلك: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} هو محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يُدعى أن قوله: {رَسُولٍ كَرِيمٍ} معرفة، فكذلك حكم "عامًا أول" و "أول من أمس" وإن كان السياق والقرائن تعين من أريد بهذه النكرة، ولا يحتمل الشياع والحالة هذه. فقد بان الفرق بين الوضع والاستعمال في ذلك.
وأما قوله: "كأسامة" فهذا ونحوه يُطلق عليه أنه معرفة على طريق

الصفحة 107