كتاب موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق (اسم الجزء: 2)
الخاتمة ويوم القيامة
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة" [البخاري].
وكان أئمة السلف يخافون من مكر الله تعالى بهم، ويسألونه حسن الخاتمة، ويستعيذونه من سوء الخاتمة.
قال الحافظ ابن رجب: وكان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، ومنهم من كان يقلق من ذكر السوابق.
وقال سفيان الثوري لبعض الصالحين: هل أبكاك قط علم الله فيك؟
فقال الرجل: تركني لا أفرح أبدًا.
وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتيم، فكان يبكي ويقول: أخاف أن أسلب الإيمان.
وكان مالك بن دينار يظل طول ليله قابضًا على لحيته ويقول: يا رب، قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار ففي أي الدارين دار مالك.
وقال ابن القيم: أما خوف أوليائه من مكره فحق، فإنهم يخافون أن يخذلهم بذنوبهم وخطاياهم فيصيروا إلى الشقاء، فخوفهم من ذنوبهم ورجاؤهم لرحمته. وقوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ} [الأعراف: 99] إنما هو في حق الفجار والكفار، ومعنى الآية: فلا يعص ويأمن مقابلة الله له على مكر السيئات بمكره أن يؤخر عنهم عذاب الأفعال، فيحصل منهم نوع الاغترار، فيأنسوا بالذنوب فيجيئهم العذاب على غرة (¬1).
فهذه رسالة مختصرة في حسن وسوء الخاتمة، ليعمل كل منا لآخرته، ونسأل الله أن يحسن خاتمتنا.
¬__________
(¬1) الفوائد: 214.