كتاب النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر (اسم الجزء: 2)

ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِيَمِين وَشَاهد رَوَاهُ مُسلم وَغَيره وَهُوَ فِي السّنَن من وُجُوه قَالَ ابْن عبد الْبر عَن حَدِيث ابْن عَبَّاس لَا مطْعن لأحد فِي إِسْنَاده وَلَا خلاف بَين أهل الْمعرفَة فِي صِحَّته قَالَ وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة وَجَابِر وَغَيرهمَا حسان
وروى الْخلال من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن جده أَن عمر كَانَ يقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد الْعدْل وَيَقُول قضى بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَاللَّيْث والأندلسيون من أَصْحَاب مَالك وَغَيرهم لَا تقبل وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين قصَّة خُزَيْمَة وقصة أبي قَتَادَة وقصة ابْن مَسْعُود فِي قَوْله رَأَيْته يذكر الْإِسْلَام تَنْبِيها بِلَا يَمِين وَقد قَالَ الْيَمين حق للمستحلف وَللْإِمَام فَلهُ أَن يُسْقِطهَا وَهَذَا أحسن انْتهى كَلَامه
وَيُوَافِقهُ مَا ذكره القَاضِي فِي بحث الْمَسْأَلَة قَالَ فَإِن قيل مَا ذهبتم إِلَيْهِ يُؤدى إِلَى أَن يثبت الْحق بِشَاهِد وَاحِد قيل هَذَا غير مُمْتَنع كَمَا قَالَه الْمُخَالف فِي الْهلَال فِي الْغَيْم وَفِي الْقَابِلَة وَهُوَ ضَرُورَة أَيْضا لِأَن الْمُعَامَلَات تكْثر وتتكرر فَلَا يتَّفق فِي كل وَقت شَاهِدَانِ انْتهى كَلَامه
وَهُوَ يدل على أَن الْيَمين لَيست كشاهد آخر وَهُوَ مخرج على مَا إِذا رَجَعَ الشَّاهِد هَل يضمن الْجَمِيع أَو النّصْف
وَلِهَذَا قَالَ القَاضِي فِي بحث الْمَسْأَلَة وَاحْتج يَعْنِي الْخصم بِأَنَّهُ لَو كَانَ يَمِين الْمُدعى كشاهد آخر لجَاز لَهُ أَن يقدمهُ على الشَّاهِد الَّذِي عِنْده كَمَا لَو كَانَ عِنْده شَاهِدَانِ جَازَ أَن يقدم أَيهمَا شَاءَ وَالْجَوَاب أَنا لَا نقُول إِنَّهَا بِمَنْزِلَة شَاهد آخر وَلِهَذَا يتَعَلَّق الضَّمَان بِالشَّاهِدِ وَإِنَّمَا اعتبرناها احْتِيَاطًا وقاسها على احْتِيَاط الْحَنَفِيَّة بِالْحَبْسِ مَعَ شَاهد الْإِعْسَار وَيَمِين الْمُدعى مَعَ الْبَيِّنَة على الْغَائِب

الصفحة 315