وقد أدخلوا حرف التنبيه علي أوائل هذه الأسماء فقالوا:
هذا، وهذه، وهناك، وهاتا، وهاتيك، وعلي مثناها ومجموعها، ولم يقولوا: هذا لك (¬1) وهذه التثنية والجمع وضعيتان لا صناعيتان، والهاء في ذه: بدل من الياء في ذى (¬2)، ولا يقال: تى، كما قيل: ذي، ولا ذيك كما قيل:
تيك، استغناء عنهما بهما وإذا وقفوا علي هذي أبدلوا منها هاء، فقالوا: هذه، فإذا وصلوا أسقطوا الهاء وردّوا الياء، ومنهم من يجمع بينهما فيقول:
هذهى أمة الله (¬3)، والكاف في هذه الأسماء للخطاب ولا موضع لها من الإعراب، لأنّ هذه الأسماء معارف، فلا تضاف وإنّما تضاف النكرات، فلا يظنّ أنّها اسم للغائب أو البعيد، وإنمّا الكاف سوّغت ذلك فيها، وقد فصلوا بين" ها" التنبيه، «وذا» في قولهم: ها هو ذا، وكقوله تعالى: * ها أَنْتُمْ أُولاءِ * (¬4)، ومنهم من يقول: إنّ" ها" دخلت علي المضمر و «ذا» على بابه (¬5)، وهذه الأسماء تشبه المظهرة لوصفها والوصف بها، تقول: مررت بهذا الظريف، بزيد هذا، وتشبه المضمر لملازمتها التعريف، وإختلاف صيغتها في التأنيث والتذكير، وممّا يقارب هذه الأسماء؛ الإشارة إلي القريب من الأمكنة: هنا:، وإلى البعيد: هناك وإلى الأبعد هنالك وأدخلوا عليه حرف التنبيه فقالوا: هاهنا.
¬__________
(¬1) معانى القرآن وإعرابه - للزجاج (1/ 31).
(¬2) أنظر: سر الصناعة (162 آ، ب).
(¬3) أنظر: ما ينصرف وما لا ينصرف (82)، والتكملة (27، 244).
(¬4) سورة آل عمران، 119 والقول بالفصل بين ها التنبيه واسم الإشاره وهو رأي الخليل (الكتاب 1/ 379)، والفراء (معاني القرآن: 1/ 231)، وانظر: تعليق الفرائد (2/ 328).
(¬5) وهو رأي سيبوية قال في الكتاب (1/ 379): وقد تكون ها في" ها أنت ذا" غير مقدمة ولكنها تكون للتنبيه بمنزلتها في هذا، يدلك علي هذا قوله عز وجل * ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ * * فلو كانت" ها" ههنا هي التي تكون أولا إذا قلت هؤلاء لم تعد (ها) ههنا بعد أنتم" أنظر: الجني الداني (342 - 343) ومغني اللبيب (456).