ذكرت، أى أكثر فى التأخر من الأول، فتنزّل (¬1) التزامهم ذكر كلام قبله منزلة «من» للعلم به (¬2)، وأما أوّل ففيه معنى التفضيل (¬3)، فيكون مضافا كقولك:
زيد أول القوم، وزيد أول رجل قال ذاك، وزيد أوّل من عمرو، ومنه قوله تعالى:
(وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) (¬4)، فإذا قلت: هذا رجل أول، فلا تصرفه، لأنك تريد أول (¬5) من غيره، فتحذف الجار والمجرور وهو مراد (¬6)، كما حفذف فى قوله تعالى: * يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى * (¬7)، أى: أخفى من السر، ومن جعل أولا غير وصف صرفه، فقال: ما تركت له أولا ولا آخرا، كقولك قديما وحديثا (¬8)، وربما استعملوا بعض هذه الصفات استعمال الأسماء فحذفوا الألف واللام نحو قولهم: دنيا، لأنها وإن كانت صفة فقد غلبت وصارت بمنزلة الأسماء غير الصفات، ومثله جلّى فى قوله:
وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة … يوما سراة كرام النّاس فادعينا (¬9)
¬__________
(¬1) ك: فنزّل.
(¬2) المقتضب (3/ 377).
(¬3) الكتاب (2/ 45).
(¬4) سورة البقرة: 41.
(¬5) ب: الأول، والصحيح ما أثبته.
(¬6) الكتاب (2/ 46)، والتكملة (96).
(¬7) سورة طه: 7.
(¬8) انظر: المقتضب (3/ 340)، والتكملة (96).
(¬9) من قصيدة لبشامة بن حزن النهشلىّ (الحماسة - لأبى تمام 1/ 77).
وفى المفضليات (431) نسب البيت إلى المرقش الأكبر.
ونسبه ابن قتيبة فى الشعر والشعراء (2/ 642) إلى نهشل بن حرى، والصحيح أن البيت للمرقش الأكبر: عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة (ترجمته فى: الأغانى: 5/ 189).
كما قال ذلك أبو محمد الأعرابى فيما نقله عنه التبريزى في شرح الحماسة (1/ 55) ورواية عجز البيت فى المفضليات 431؛ (يوما سراة خيار النّاس فادعينا).
وفى اللسان (جلل): (يوما كراما من الأقوام فادعينا).
قوله (جلى): أى جليلة وهى الخطة العظيمة. و (سراة): أى سادة.
وفى شرح الحماسة للتبريزى (1/ 51): (يقول: إن أشدت بذكر خيار الناس بجليلة نابت أو مكرمة عرضت فأشيدى بذكرنا).
والبيت فى: البحر المحيط (1/ 286).
الحماسة - لأبى تمام (1/ 77)، الخزانة (3/ 510)، درة الغواص (58). شرح الحماسة للتبريزى (1/ 51)، وللمرزوقى (1/ 101)، شرح شواهد المفصل (مجهول المؤلف) 98 ب، شرح المفصل (6/ 100 - 101)، شرح لمفصليات (2/ 877)، الشعر والشعراء (620)، شواهد التوضيح (81)، اللسان: (جلل)، المحتسب (2/ 363)، المفصل (235)، المفضليات (431).