كتاب الكناش في فني النحو والصرف (اسم الجزء: 2)

التحضيض قوله تعالى: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ (¬1) لأنّ لولا هنا حرف تحضيض مثل هلا أي هلّا تأخير منك فتصدّق مني، وقد يرفع ما بعد الفاء إمّا على العطف كقوله تعالى: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (¬2) وإمّا على القطع كقول الشّاعر: (¬3)
ألم تسأل (¬4) الرّبع القواء فينطق … ...
أي فهو ينطق، لأنه لم يجعل السؤال سببا للنطق بل جعله ينطق مع قطع النّظر عن السؤال، وللفاء بعد النفي معنيان:
أحدهما: ما تقدّم أعني مثال النفي وهو: ما تأتينا فتحدثنا أي لا إتيان فلا حديث/ لأنه إذا انتفى السّبب وهو الإتيان انتفى المسبّب وهو الحديث.
والثاني: أن يكون بانتفاء أحد الأجزاء وهو نفي الحديث وإن وقع الإتيان فكأنه يقول: كلّما أتيتني لم تحدثني أي لا يجتمع الإتيان والحديث، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم، «لا يموت لأحد ثلاثة من الولد فتمسّه النّار إلّا تحلّة القسم» (¬5) أي لا يجتمع على أحد موت ثلاثة من الولد ومسّ النار وهو مغاير للمعنى الأول قطعا (¬6).

ذكر الواو الناصبة للفعل (¬7)
أما الواو فتنصب الفعل بإضمار أن بشرطين: أحدهما: أن تكون الواو للجمع
¬__________
(¬1) من الآية 10 من سورة المنافقون.
(¬2) من الآية 36 من سورة المرسلات.
(¬3) البيت لجميل بثينة ورد في ديوانه، 91 وعجزه:
وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق
وروي البيت من غير نسبة في الكتاب، 3/ 37 وشرح المفصل، 7/ 36 - 37. وشرح الكافية، 2/ 245 - 248 والمغني، 1/ 168 واللسان سملق، وهمع الهوامع، 2/ 11 - 131. الربع: المنزل. القواء: القفر.
السملق: الأرض التي لا تنبت شيئا.
(¬4) في الأصل تسل.
(¬5) انظره في صحيح البخاري، 2/ 72 ومتن البخاري بحاشية السندي، 1/ 217، وإرشاد الساري، 2/ 433 والفائق للزمخشري، 1/ 144 والأمثال النبوية للغروي، 1/ 327 وانظر روح المعاني للآلوسي، 6/ 122.
(¬6) شرح الوافية، 349 وإيضاح المفصل، 2/ 16.
(¬7) الكافية، 417.

الصفحة 17