كتاب الكناش في فني النحو والصرف (اسم الجزء: 2)

فالمسؤول عنه اجتماع الجوار والمودّة، ومثال النفي: ما تأتيني وتحدثني، فالمنفي اجتماع الأمرين، ومثال التمني: قوله تعالى: يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (¬1) قريء في السبعة نكذّب ونكون بالنصب (¬2) فيهما والمعنى تمني اجتماع الأمرين وهو الردّ وانتفاء التكذيب (¬3) ومثال العرض: ألا تنزل عندنا وتصيب خيرا، ومثال التحضيض: هلّا تأتيني وتكرمني، وهذا معنى الجمعيّة في كلّ واحد من الأمثلة المذكورة، ويجوز الرفع بعد هذه الواو إمّا على العطف، وإمّا على القطع والاستئناف بحسب ما قبلها (¬4)، وينتصب أيضا بعد الواو العاطفة بتقدير أن إذا عطفت فعلا مضارعا على اسم ليكون في تأويل الاسم فيستقيم عطفه على الاسم نحو (¬5):
للبس عباءة وتقرّ عيني … أحبّ إليّ من لبس الشّفوف
بنصب تقرّ، وأمّا نحو قوله تعالى: وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ (¬6) في قراءة - غير (¬7) نافع وابن عامر - النصب (¬8) فإنّه قدّر معطوفا على فعل مقدّر منصوب أي لينتقم ويعلم، وعند الكوفيين أنّ الفعل المضارع إذا صرف عن جواب الشرط إلى غيره كانت الواو ناصبة (¬9).
¬__________
(¬1) من الآية 27 من سورة الأنعام.
(¬2) قرأ حمزة وحفص ولا نكذّب بالنصب، وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص ويكون بالنصب ورفعهما الباقون.
انظر الكشف، 1/ 427 والتبيان، 1/ 489 والنشر، 2/ 257.
(¬3) التبيان، 1/ 489 وشرح المفصل، 7/ 25 - 26.
(¬4) الكتاب، 3/ 44 - 52.
(¬5) البيت لميسون بنت بحدل زوج معاوية بن أبي سفيان، ورد منسوبا إليها في المغني، 1/ 267 - 283 - 2/ 361 - 479 - 551 وشرح شذور الذهب. 314 وشرح التصريح، 2/ 244 وروي من غير نسبة في الكتاب، 3/ 45 والمقتضب، 2/ 27 والمحتسب، 1/ 326 وأمالي ابن الشجري، 1/ 280 وشرح المفصل، 7/ 25 وشرح الكافية، 2/ 250 وشرح ابن عقيل، 4/ 20 وهمع الهوامع، 2/ 17 وشرح الأشموني، 3/ 313.
(¬6) من الآيتين 34 - 35 من سورة الشورى.
(¬7) زيادة يستقيم بها الكلام، لأن نافعا وابن عامر قد قرآ ويعلم بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب، انظر الكشف، 2/ 251، والنشر، 2/ 367.
(¬8) في الأصل بالنصب.
(¬9) شرح الوافية، 351.

الصفحة 19