كتاب الكناش في فني النحو والصرف (اسم الجزء: 2)

وأين بيتك أزرك، كان التقدير إن تأتني أحدثك وإن تعلمني بيتك أزرك، فإذا قلت في التمني: ألا ماء أشربه، وليته عندنا يحدثنا، كان التقدير إن أجد الماء أشربه وإن تكن عندنا تحدثنا، وإذا قلت في العرض: ألا تنزل عندنا تصب خيرا، كان التقدير إن تنزل تصب خيرا (¬1) وكذلك ما فيه معنى الأمر والنهي فإنه منزّل منزلة الأمر والنهي في جزم الجواب (¬2) وذلك مثل قولهم: اتّقى الله امرؤ وفعل (¬3) خيرا يثب عليه، بجزم يثب على جواب الأمر إذا كان المراد، ليتق امرؤ وليفعل خيرا يثب عليه بمعنى إن يفعل خيرا يثب عليه، وكذلك: صه أكرمك، والمعنى اسكت إن
تسكت أكرمك.
واعلم أنه من حقّ المضمر أن يكون من جنس المظهر ليدل عليه (¬4)، لأنّ المضمر إذا لم يكن من جنس المظهر إيجابا أو نفيا لم يصح أن يكون المظهر دليلا عليه، لأنّه إنما يدلّ على ما هو من جنسه، فإذا قلت: لا تعص الله يدخلك الجنة، كان صحيحا، لأنّ التقدير: إن لا تعصه يدخلك الجنة لأنّك إنّما تضمر مثلما تظهر من النفي والإثبات، وإذا قلت: لا تدن من الأسد يأكلك كان فاسدا، لأنّ النهي لا يدلّ على الإثبات، لأنّ التقدير إن لا تدن من الأسد يأكلك، وهو فاسد، وإنما كان هذا هو التقدير، لأنّ قولك: لا تدن من الأسد، إنما يدلّ على ما هو من جنسه والذي/ هو من جنسه هو النهي، وإذا قدرت النهي لم يستقم المعنى (¬5)، وأجاز الكسائي لا تدن من الأسد يأكلك، اعتمادا على وضوح المعنى، وتقديره عنده لا تدن من الأسد إن تدن منه يأكلك (¬6) واعلم أنّ القرّاء كلّهم خلا أبي عمرو قرأوا فأصدق وأكن من الصالحين (¬7) بجزم أكن عطفا على موضع أصدّق، لأنّه في موضع جزم كأنّه قال:
¬__________
(¬1) شرح الوافية، 355 وشرح المفصل، 7/ 48.
(¬2) المفصل، 253.
(¬3) في الأصل بلا واو، ونحوه في الأوضح، 4/ 191 وشرح التصريح، 2/ 243 وفي الكتاب 3/ 100 والمفصل، 253 وشرح المفصل، 7/ 49 «وفعل» وهي مثبتة في التقدير المذكور بعد.
(¬4) المفصل، 253.
(¬5) إيضاح المفصل، 2/ 37.
(¬6) شرح الوافية، 355 وإيضاح المفصل، 2/ 38 وفي شرح الكافية للرضي، 2/ 267 «إنه ليس ببعيد لو ساعده نقل» وانظر النحو الوافي لعباس حسن، 4/ 394.
(¬7) من الآية 10 من سورة المنافقون.

الصفحة 28