كتاب الكناش في فني النحو والصرف (اسم الجزء: 2)

يكن كلاما (¬1)، وجميعها تدخل على الفاعل لتفيد تقريره على صفة باعتبار معناها، فيكتسب الخبر حكم معناها (¬2) وهو إما إثبات كما في كان، وإمّا نفي، كما في ليس وإما استمرار كما في ما زال، وإنما رفعت الأول لأنها تفتقر إلى اسم يسند إليه كسائر الأفعال، فارتفع ما أسندت إليه تشبيها له بالفاعل، فلما رفعت الأول وجب نصب الثاني على التشبيه بالمفعول، ويسمّى الأول اسم كان والثاني خبر كان (¬3) وحال اسم كان وأخواتها وخبرها مثل حالهما في باب المبتدأ والخبر، فيكون الأصل في اسمها أن يكون معرفة، وخبرها نكرة، وأمّا قول القطامي: (¬4)
قفي قبل التّفرّق يا ضباعا … ولا يك موقف منك الوداعا
فإنه قلب فجعل الاسم نكرة والخبر معرفة، لأنّ المعنى غير مجهول مع ضعف ذلك (¬5) وقد روي: ولا يك موقفي،
ومثل ذلك قول حسّان: (¬6)
وربّ سبيئة من بيت رأس … يكون مزاجها عسل وماء (¬7)
ومثله بيت الكتاب: (¬8)
فإنّك لا تبالي بعد حول … أظبي كان أمّك أم حمار
فاسم كان نكرة وهو ظبي، لأنّ التقدير أكان ظبي، لاقتضاء الهمزة الفعل بعدها، وخبرها معرفة وهو قوله: أمّك، وارتفع حمار على تقدير أم هو حمار.
¬__________
(¬1) تسهيل الفوائد، 35، وشرح الكافية، 2/ 290 والهمع، 1/ 115.
(¬2) الكافية، 420.
(¬3) الإنصاف، 2/ 821 شرح الوافية، 364 وشرح التصريح، 1/ 184 والهمع، 1/ 111 وحاشية الصبان، 1/ 225.
(¬4) عمير بن شييم شاعر فحل رقيق الحواشي حلو الشعر، انظر أخباره في طبقات فحول الشعراء، 2/ 535 ومعجم الشعراء، للمرزباني 166. والبيت ورد في ديوانه، 37، ومنسوبا له في الكتاب، 2/ 243 والمقتضب، 4/ 94 والحلل، 51 وشرح الشواهد، 3/ 173 وخزانة الأدب، للبغدادي 2/ 367 ومن غير نسبة في المغني، 2/ 849 وشرح الأشموني، 3/ 173.
(¬5) بعدها في الأصل مشطوب «والوداع بفتح الواو وكسرها» وانظر اللسان، ودع.
(¬6) حسان بن ثابت، الشاعر المعروف انظر أخباره في الشعر والشعراء، 1/ 223.
(¬7) تقدم الكلام على هذا الشاهد في 1/ 145.
(¬8) البيت لخداش بن زهير، نسب له في الكتاب، 1/ 48 والمقتضب، 4/ 94 وشرح المفصل، 7/ 91 وشرح شواهد المغني، 2/ 918 ومن غير نسبة في المغني، 2/ 590.

الصفحة 38